في حوار لجريدة "أنفاس بريس" مع الفاعل التربوي، محمد بن سعيد الركيبي، في موضوع التفاهة والابتذال التي يروج لها عبر قنوات إعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي أوضح بأن : " هذه القنوات والمواقع أساءت إلى المشهد الإعلامي في بلادنا وأساءت إلى المجتمع برمته بما تعرضه من ثقافة الابتذال والتفاهة التي تجد مستهلكا مستعدا لتناول وجباتها".
وشدد في سياق حديثه عن الظاهرة قائلا: "إن الدولة باعتبارها المسؤولة عن الفضاء الإعلامي الوطني، قد تركت هذه القنوات تتمتع بحرية غير مقيدة للاشتغال في المجال السمعي البصري وفق هوى القائمين عليها ولم يسجل تدخلها (الدولة) إلا في حالات ناذرة لتقديم بعض مشاهيرها إلى القضاء بدعوى النصب أو الإساءة. ":
++ بصفتك إطارا مهتما بالحقل التربوي، ما هي قراءتك لهذا التسونامي الجارف من أمواج التفاهة والرداءة التي صنعتها "السوشيال ميديا"؟
في ظل الغياب المريع لقوانين مؤطرة ومنظمة وزاجرة في نفس الوقت، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يصطلح على تسميته بالسوشيال ميديا إلى سوق تعرض فيه الحياة الخاصة للأفراد والجماعات كسلعة رخيصة، تخضع لقانون العرض والطلب والإقبال والتجاهل، بحثا عن انتزاع أكبر عدد ممكن من نقرات الإعجاب والانتساب إلى الصفحات.
إن المتصفح لهذه القنوات أو المواقع سيجد أن أغلبها يسيرها أشخاص نكرات ومن محدودوي الثقافة، إذ جعلوا منها منصات للبحث عن مدخول قار بغض النظر عن محتوى ما ينشرونه وما يقدمونه لجمهورهم مسخرين في ذلك الساقط من الكلام أو افتعال المقالب والوقائع لاستدرار التعاطف أو مهاجمة السلطات، وقد تلجأ بعض الفتيات إلى عرض أجزاء من أجسامهن بقصد الإثارة وجذب الجمهور ناهيك عن لعب دور الضحية في العلاقات العائلية..
++ هل تعاملت الدولة بما يكفي من الحزم مع هذه الظاهرة المسيئة للمجتمع ؟
الواقع أن هذه المواقع أساءت إلى المشهد الإعلامي في بلادنا وأساءت إلى المجتمع بما تعرضه من ثقافة الابتذال والتفاهة التي تجد مستهلكا مستعدا لتناول وجباتها شريطة أن تكون من النوع الذي يرضي ذوقه، وعندما نتحدث هنا عن الذوق فإننا في الواقع نتحدث عن نزوات أو رغبات لا يستطيع الإعلام العمومي تحقيقها.
إن الدولة باعتبارها المسؤولة عن الفضاء الإعلامي الوطني، قد تركت هذه القنوات تتمتع بحرية غير مقيدة للاشتغال في المجال السمعي البصري وفق هوى القائمين عليها ولم يسجل تدخلها (الدولة) إلا في حالات ناذرة لتقديم بعض مشاهيرها إلى القضاء بدعوى النصب أو الإساءة..
++ ماذا كانت النتيجة ؟
هذه الحرية التي تحولت مع مرور الوقت إلى وحش ضاري طالت عدوانيته أركان الدولة من أعلى سلم المناصب فيها إلى أبسط موظف في أجهزتها، كما استغلت هذه المواقع في تصفية الحسابات بين الأفراد والجماعات والتأثير على صناعة الرأي العام وتوجيهه في العديد من القضايا. ناهيك عن وقوف بعض وسائل الإعلام الوطنية وراء الترويج لتفاهاتها من خلال تخصيص مواد وفقرات للحديث عنها أو استضافة مسيريها في إطار صفقة تبادل المنافع ..( امنحني فرصة للظهور .. أمنحك جمهورا )
لا أحد ينكر أن هذه المواقع استطاعت أن تستقطب جمهورا واسعا والبعض منها أصبح قوة ضاربة في نقل ثقافة الشارع وأخبار الفضائح ومرتعا لمحللين ينتقدون الواقع بلغة جارحة وجريئة أحيانا وهذا ما يبحث عنه هذا الجمهور الذي لم تعد تستهويه الخطابات المصاغة بلغة الخشب. ناهيك عن مواقع العشابين والرقاة التي تبدع في ثقافة الدجل.
++ ما هي الوسائل المتاحة للحد من الظاهرة ؟
إن صناعة المحتويات التافهة في السوشيال ميديا أصبح يهدد تماسك المجتمع ويعمق فقدان الثقة في كل مكونات الدولة وأجهزتها وينشر ثقافة العدم والتمرد والكراهية، ومحاربة هذه الصناعة لن يكون فقط باستصدار قوانين للحد من التسيب وإنهاء زمن هيمنتها وتفعيل وسائل الرقابة الالكترونية للحماية من التفاهة والرداءة، وإنما أيضا بإيجاد أفضل السبل لإدماجها في المشهد الإعلامي الوطني بناء على معيار الكفاءة والرسالة الإعلامية ومستوى الاستقطاب الجماهيري وتحسيس الأطفال والشباب بخطورة الاستيلاب الذي قد يكونون يوما ما ضحية له خاصة في التحريض على الهجرة غير الشرعية.