عبد الغني السلماني: في البحث عن الحقيقة.. الشهيد ينادينا جميعا

عبد الغني السلماني: في البحث عن الحقيقة.. الشهيد ينادينا جميعا عبد الغني السلماني

ما زالت أصوات مرتفعة.. ما زالت  المطالبة مستمرة في كل مواقع الفعل والوفاء من أجل كشف الحقيقة كاملة حول اغتيال الشهيد آيت الجيد محمد بنعيسى ومعاقبة كافة الجناة، اليوم 03 دجنبر 2019 لحظة أخرى من أجل الكشف.. نريد لهذه المحطة أن تُنصف ذاكرتنا من جديد، ذاكرة جيل في معرفة الحقيقة كل الحقيقة عن اغتيال عريس شهداء الحركة الطلابية آيت الجيد محمد بنعيسى. نؤرّخ لهذه الذاكرة قدر المستطاع.. نريد نصرا للشهداء فقط، لأنّ الموت والطريقة المؤلمة في القتل لم تكن عادية. لكن لا ريب، لا وجود لموت عادل، فما بالك بالاغتيال وفي واضحة النهار، وفي الشارع العام. نفر كبير أوقف سيارة أجرة وانهال على الشهيد بدون رحمة، رفقة الشاهد المرافق الخديوي الخمار الذي سيحضر الجلسة رقم 103.

 

في تاريخ ملف الشهيد آيت الجيد محمد بنعيسى، صمود هذا الرجل ووفاؤه لرفيقه في ملاحقة القتلة، رغم مرور أكثر من ربع قرن على الجريمة النكراء، ورغم التسييس والتجييش واللوجستيك المسنود من قبل الحزب الأغلبي الداعم للمتهم، فإن طمس شمس الحقيقة سيكون صعبا أمام هذا الحب الشعبي لشهيد الحركة الطلابية بنعيسى  ..

 

ولا معنى لأيّ نصر على القتلة ولو نال المتهم أشد العقاب، إذا لم يتحرر العقل والقلب والوطن من القتلة والظلاميين المُكفرين التكفيريين.. معركتنا من أجل النبل والحرية والعدالة الاجتماعية والحقيقة كاملة مكتملة، مهما حاولوا التشويش. يريدون سرقة الذاكرة التي تكذّبها لحظة تهريب الجثة وعدم إقامة العزاء لمحبي الشهيد  وعائلته  الذين رفعوا صوره في الممرات والطرقات وفضاءات الجامعة. إنّ بنعيسى قٌتل فعلا، واستشهد فعلا، وقبره المكتشف بعد فوات الأوان، ينتصب على أفق الروح في وضوح فظيع يستفز القتلة من بعيد. ومن القسوة أن نتذكر الصور والذكريات والجسم الملفوف في ثوب تحت التراب، كيف وصلنا إلى هذا التاريخ الطويل والحقيقة لم تنجلي؟ أيّة حقيقة مضادة تسْخر من الشهداء وتطمع في سرقة أحلامهم؟ ما معنى أن نتّهم شهيدا بأنه اعترض سبيل القتلة؟ من يقتل الحقيقة؟

 

أبداً، لن يستطيع أحد أن يعتذر بما فيه الكفاية لمن استشهدوا. مهما كان موقعهم لن  تستطيع أيّ جماعة أن تجرّد الشهداء  من ذاكرتهم ، القتلة  يشعرون بأنّهم على الرغم من كلّ نجاحهم الانتخابي وتزويرهم للحقائق هم في آخر المطاف متهمون... عليهم قول الحقيقة. نخاف من جديد أن تُسرق الحقيقة، بعدما سُرق الحراك وتمت سرقة الأصوات والمناصب؛ كما سُرق المجد في سنوات الجمر يتم الإجهاز على الروح في عمق الجسم، والآن يبادرون لسرقة الشهداء !

 

رسالة للشهيد:

حقيقتك اقتربت أيها العزيز، حبك للحياة لن تمنح للقتلة فرصة التمتع والاستمتاع، فأنت المُغيب الذي تطل علينا من بعيد، ونحن نراقب شمس الحقيقة قدر المستطاع، نقول لك بعد طول الغياب أنك لم تمهلنا الوقت الكافي للوداع، فالموت ماكر والقتل جريمة وشتان بين الموت والقتل. لذلك نتركك يا بنعيسى تمضي من القمة التي أثارت توهجك وتوهج المعطي وعمر، حسين مروة، ومهدي عامل، وفرج فودة، شكري بلعيد.. ونخاطبك بالكلمات التي خاطبت بها رفاقك في ساحة 20 يناير بظهر المهراز...، نتركك لحارة البسطاء في فاس، وباقي المواقع الجامعية. نراك شهيدا يطل من بعيد للحراك الذي أوصل القتلى والمنفذين لمواقع القرار، آيت الجيد يطل بعينيه الجميلتين إلى الحياة وهي تستمر، ونعود إلى كلماتك، ومواقفك التي لا تنتهي لأنك مزجت المستحيل بالممكن. لن أروي عنك اليوم، كل الكلام لك يا مناضل الأجيال، لك كل التحية. يكفيني اعتزازا أني صاحبتك سنتين بتوصية من رفيقك ورفيق كل النبلاء محمد الدحماني. أقف وحدي وأتذكرك حين زرتك ممتطيا سريرا وأنت في لحظة الوداع، رفقة الصديق بربارة، كانت لحظة ألمي، وحبي لك، فزادتني ثقتك إصرارا على المضي قدما لاقتحام الصعب، ومواصلة المسير. لا أبكيك فالبكاء عادة أزلية وإحساس بالفراغ والغياب المطلق، لكن أنت لن تغيب؟ تتوحد أفكارك بالأحلام ونقول أن اليقين لا يدرك إلا بالممارسة. يبقى الموت حقيقة، ولم يكن يخيفك غالبا ما اعتبرته بقاء أعمق حين يقترن بالجهد والمثابرة.. "ليس الموت نهاية الحياة عندما يكون اكتمالا صحيحاً لعمرٍ زاخرٍ بالجهد المثمر أو تحقيقاً لعمل مشرق، بل يكون كمالاً حياً وبداية لحياة أعمق".  لكننا بنعيك نقول للأحبة جميعا من أجل الحقيقة والتاريخ، فلنكن في لحظة الأمل الذي ظل يلازمنا من أجل معرفة الحقيقة كل الحقيقة.

 

ملحوظة:

من الممكن أن يكون الأستاذ المحامي الوزاني بنعبد الله منسقا لهيئة الدفاع الشهيد محمد آيت الجيد محمد بنعيسى خلفا للراحل الأستاذ جواد بنجلون التويمي رحمه الله. كل التوفيق لهيئة الدفاع في هذه المهمة النبيلة... ومهما حاولوا طمس الحقيقة فلا بد لليل أن ينجلي.