عبد الهادي بهيج: سئمنا التدابير العرجاء والممارسات الشمطاء

عبد الهادي بهيج: سئمنا التدابير العرجاء والممارسات الشمطاء عبد الهادي بهيج

نأسف كثيرا ونستشعر حبال الغبن تكبلنا... نتحسس سراب الأمل وسط ركام الجراح والمآسي... الوطنية صك مزايدة علنية على الكادحين فقط... الوطنية شعار تنساب معه الكلمات الدلالية بين جدران القاعات الفخمة والفضاءات الاستعراضية... لكن الوطن بفسيفساء الثروات لهم وحدهم، يتغنون باستنزافه كل يوم من بوابة قنوات الريع والتدابير العرجاء المتبلة بعصارة الاستخفاف بأحلام المجتمع... أتحسر على هذا العبث المسنود بالتشريعات والقوانين.

 

أعاتب نفسي وأعاتب كل الضمائر الحية على هذا الصمت الرهيب، الذي جعلنا نتقبل صلافتهم ووقاحتهم وأنانيتهم الهجينة ...

 

لسنوات وهم يحتفون بقداس هدم الأذواق وكل المعاني الجميلة... لسنوات وهم يقتلعون ما تبقى من كرامة الإنسان في بلد الاستثناء تحت يافطة ذاك الإصلاح المستقر عنوة على أرواحنا وأجسادنا المنهكة... إنه مسلسل محبوك جسدته هواجس جهابذة الأرقام من أجل الاستمرار في احتكار منتوج الاستعباد الناعم المفعم بالإثارة والإشراقات الملغومة ..

 

هي ممارسة لها من التاريخ ما يشهد لها بالخصوصية في ظل نسق دولي متحول لتطويع أفكارنا وأرواحنا لتقبل الإذعان بسلاسة وامتنان.. ربما لأنها وجدت حاضنة مستعدة لتقديم خدمات الولاء لتأكيد الانتماء.. ربما لأنها تعويذة سحر معتقة جعلتنا نستمتع بالفقر والبؤس ونحن نردد نشيد الوطن ...

 

ما معنى كل هذه الإجراءات و المقتضيات الخارجة عن التعاقدات الاجتماعية التي تحترم الإنسان في إحساسه وكرامته؟ لماذا كل هذا التحامل على جيوب الفقراء والمستضعفين في زمن العولمة الاقتصادية والمجالية والثقافية؟ تتكلمون وكأنكم أرباب شركات وضيعات، مع أن المسؤولية تقتضي منكم اختيار الألفاظ المواتية للظرفية التاريخية.. وفي نفس الوقت تتطلب منكم قول الحقيقة كاملة بدون مساحيق الوسطاء والمتاجرين بأحلام الوطن... لنا الحق في الشغل بكرامة.. لنا كامل الإشراقة لأننا نعتقد جازمين أننا أصبحنا نرى الحقيقة التي غيبتموها عنوة لترتيب وتنظيم خزائن الوطن.. هناك إجهاز على ما تبقى من خصوبة الحق في التعلم.. الحق في الصحة والخدمات العمومية.. الحق في العيش الكريم بدون وساطة من أحد. سئمنا التقويم الهيكلي والميثاق الوطني والمخطط الاستعجالي والتدابير ذات الأولوية التي أفرزت أنظمة التعاقد داخل المجالات الحيوية التي تهم الإنسان.. سئمنا كل التدابير العرجاء والممارسات الشمطاء...

 

أرجوكم كونوا معنا لا ضدنا.. أعيدوا بناء الإنسان من بوابة نظام تربوي يختفي تحت مظلة جودة حقيقية ويلبس ثوب تكافؤ فرص وظيفية حبلى بالمعاني الراقية.. لا تتخذوا من الجودة شعارا؛ ومن تكافؤ الفرص احتيالا، لأنكم بذلك تصنعون الإحساس بالوجع والانقباض.. وعندما يصبح الظلم قانونا تصبح المقاومة واجبا.