طيب الفحلي: الهاوية.. أو عندما يصفق القطيع للنار المشتعلة

طيب الفحلي: الهاوية.. أو عندما يصفق القطيع للنار المشتعلة طيب الفحلي
"[...] إنّ الإنسانية ظلت إلى حدّ اليوم مسيّرة بأسوأ ما يوجد من الأيدي ومحكومة من قبل الخاسرين والمحتالين المتعطشين للإنتقام و"القديسين" المزعومين؛ أولئك المفترين على الحياة والإنسان".[1].
 
 
لايُمكن "لدولة" متخلفة في جميع القطاعات (التعليم، الصحة، القضاء..) أن تكون متقدمة في مجال واحد هو مجال الرياضة..
 
 كفاكم عبثاً، وحُمقاً، وبكاءً سخيفاً لا معنى له، سوى أنّه عبّر عن مدى تفاهة هذا القطيع الذي يحزن لأن فريق كرة قدم قد خسر مباراة، أو ينتشيّ لأنّ فريق "انتصر"..
لماذا لاتبكون عندما ترون المرضى في المستشفيات يفترشون الأرض، وقد اتخذوا من السماء- التي لاتُبالي- غطاءً..
 
لماذا لم يبكِ أيّ من الحمقى عندما كانت قوى القمع تنهال بالهراوات على رؤوس الأساتذة والأطباء في الشارع..
ثم ماذا عن الشهيد عبد الله حاجيلي ألايستحق دمعة واحدة منكم ياقبيلة الضباع..
 
لماذا لا تهتمون بالتعليم الذي ينهار يوما بعد يوم، و الإعلام الذي أصبح تافهاً إلى حدّ لايُطاق..
لا أدري ماالذي عليّ قوله عندما أكون بصدد الحديث عن شعب يعشق أنّ يُهان، وأن تُمرَّغ كرامته في الوحل..
 
لقد قال هيراقليطس: "إنّ الخنازير تُحب أنّ تستحمّ في الوحل".
 
العالم على باب جهنم، والنار مشتعلة في كلّ الأمكنة، و الأرواح تُفقد صباح مساء.. هذه بسبب الإهمال وتلك بسبب ما وُضع عليها من أثقال، و أخرى أُخرجت بالقوة لأنّها قالت لا، أضف إلى الأرواح، الأجساد التي تُمزّق و تُقطَّع وفي هذا العالم أجمع، لا يُوجد من يقول إنّ أعمالكم أفظع من الفظائع، وأقبح من كلّ القبائح..
 
لقد فقد العالم الكبار الذين كانوا يقولون لا بكلّ شجاعة وقوة: ففي المغرب وحده قُتل المئات، إنّ لم أقُل الآلاف، من بينهم شيخ العرب والنمري واغتيل بنبركة وأعدم عمر دهكون وهلم عداً..
ماذا بقيّ؟ بقيّ جمعٌ من الحشرات تصفق للباطل و تعشق الرداءة وتكره الفضائل، تُحب أنّ تخطُب في الناس، و توصيهم بالصلاة والصيام والقيام والذهاب إلى السعودية -التي ارتكبت ولا زالت ترتكب أبشع الجرائم في حق الشعب اليمني الأبي- دون أن تُكلّف نفسها عناءَ البحث فيما وراء الطقوس، هناك حيث الغاية الأكبر هي الإنسان، وما الطقوس إلاّ وسيلة للمساعدة على معرفة كيفية التعاطي مع مختلف الوضعيات التي يُحتمل أنّ يجد هذا البشري نفسه فيها.. 
 
كما لاتُريد هذه الحشرات اللّعينة أنّ تُطبّق هيّ ما تُوصي القطيع بتطبيقه.. لأنّها تعرف أنّ أقوالها لا تليق، ولاتُساعد على معرفة الطريق، ولذلك ستبقى بعيدة عن التطبيق، وما خُطبهم في الواقع سوى حطب لإشعال المزيد من النيران في العالم الذي يحترق الآن..
"دعونا من الباطل وابتعدوا عن شمسنا وعن عقولنا وعن إمكانات حلمنا بإله مرح يحبّ الحياة ويكره حفّاري القبور وكفانا ترّهات عن الموت وعن عذاب القبر وقابضي الأرواح ومصّاصي الدماء ونكاح الكثيرات والكثيرين.. فلنا منهم الكثير في البلاد العربية من الطغاة والمستبدين ومن اغتصب أحلام شعوبنا واقتلع عيونهم وحتى أظافرهم..
والمساجين السياسيين أحقّ بكتابة هذا التاريخ".
 
[1] فريدريش نيتشه، هذا هو الإنسان"ECCE HOMO"، ترجمة علي مصباح، منشورات الجمل، ص.107
[2] فتحي المسكيني وأم الزين بنشيخة المسكيني، الثورات العربية.. سيرة غير ذاتية،الطبعة الأولى2013، ص.205