ماكرون والحزب الحاكم ساهما في تأجيج الكراهية ضد الإسلام والمسلمين

ماكرون والحزب الحاكم ساهما في تأجيج الكراهية ضد الإسلام والمسلمين فرنسا تحتل صدارة الاعتداءات المسجلة ضد المسلمين

في خطوة مثيرة للجدل، نظمت بباريس ومدينتا تولوز وأفينيون مسيرات ضد الإسلاموفوبيا بفرنسا في 10 نونبر 2019، بدعوة من شخصيات ومنظمات بينها «الحزب الجديد المناهض للرأسمالية» و»رابطة مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا»، تحت شعار «كفى»، وهي المسيرة التي تسببت في انقسام في الطبقة السياسية الفرنسية، حيث امتنع جزء من اليسار ومن الحزب الاشتراكي عن المشاركة في المسيرة، رغم أن دستور البلاد حسم هذا الجدل بإقرار العلمانية منذ 1905.

المتظاهرون حملوا خلال هذه المسيرات نجمة صفراء كتب بداخلها عبارة «مسلم» وبجوارها رسم هلال أصفر، وهي الصور التي التصقت بشكل كبير في الشبكات الاجتماعية، في إحالة مستفزة تشير إلى ما كان يجري من اضطهاد للأقليات في ظل النظام النازي بألمانيا بقيادة أدولف هتلر.

وأطلقت الدعوة إلى هذه المسيرة في الأول من نونبر 2019 عبر صحيفة «ليبراسيون» بعد أيام من هجوم استهدف مسجدا في بايونا (جنوب غرب)، تبناه ناشط يميني متطرف يبلغ من العمر 84 عاما. وقد أسفر عن إصابة شخصين بجروح خطيرة. وكتبت الصحيفة الفرنسية أن المسلمين باتوا ضحايا «تمييز» و»اعتداءات» بسبب الخوف من الإسلام.

 

انقسام مثير في مواقف الطبقة السياسية الفرنسية بشأن «الإسلاموفوبيا»

 

تضم فرنسا أكبر عدد من المسلمين في دول أوروبا الغربية، حيث يشكلون 7.5 بالمئة من سكانها، وتشهد صعودا لليمين المتطرف الذي أصبح القوة السياسية الثانية في البلاد، لكن مواقف فرنسا تبدو متدبدبة إزاء ظاهرة الإسلاموفوبيا، حيث دفع استخدام عبارة «إسلاموفوبيا» وهوية بعض موقعي الدعوة إلى المسيرة، جزءا من اليسار وخصوصا من الحزب الاشتراكي إلى الامتناع عن المشاركة، أو إلى الحد من دعمهم المبدئي للتحرك مثل ما فعل النائب الأوروبي المدافع عن البيئة «يانيك جادو». ومن جهتها، تعتبر زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني القومي مارين لوبان أن «كل الذين سيتوجهون إلى هذه التظاهرة سيكونون شركاء للإسلاميين، أي الذين يدفعون في بلدنا بأيديولوجيا استبدادية تهدف إلى محاربة قوانين الجمهورية الفرنسية».

من جهته ذهب ماجد مسعودين، العضو اليساري البارز في المجلس البلدي لضاحية باريس سان دوني وأحد الذين دعوا إلى المسيرة، إلى أن المسيرة واجهت تحالفا تثير طبيعته الدهشة بين الحزب الاشتراكي والتجمع الوطني وحتى الحكومة، الذين وقفوا جميعا ضد المسيرة المناهضة للعنصرية.

 

مراقبون: ماكرون ساهم في تأجيج الكراهية ضد الإسلام والمسلمين

 

يرى مراقبون أن الحزب الحاكم والرئيس الفرنسي ساهما بدورهما في تأجيج الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، خاصة بعد أن دعا ماكرون الفرنسيين إلى الاتحاد ضد ما أسماه «الشر الإسلامي الوبيل» و»التبليغ عن المسلمين الذي يشكون في تطرفهم»، بعد هجوم شرطي اتهم بالتطرف الإسلامي على مقر شرطة باريس قبل أسابيع، لتظهر التحقيقات أنه لا علاقة له بالتطرف وأنه يعاني من اضطرابات عقلية.

واعتبر رئيس مركز العدالة والحرية للجميع في فرنسا، ياسر اللواتي، أن الحكومة الفرنسية اشتد عليها الخناق مع قرب الانتخابات البلدية التي يعول عليها الرئيس ماكرون للبقاء في السلطة، منوها إلى أن غياب أي برنامج انتخابي أو حصيلة حكومية جيدة، جعل مسألتي الحجاب والإسلام في فرنسا وسيلته لاستمالة أصوات اليمين واليمين المتطرف.

وأوضح اللواتي أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن ماكرون سيواجه اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة أمام تشتت اليسار واليمين التقليديين.

وأشار إلى أنه ولأول مرة في تاريخ الجمهورية الخامسة، خص رئيس الجمهورية مجلة «فالور أكتيال» المحسوبة على اليمين المتطرف بحوار خاص، وهي مجلة أدينت من قبل القضاء بالعنصرية والتحريض على الكراهية تجاه المسلمين.

 

مرصد الإسلاموفوبيا: لا للأحكام المسبقة بحق المسلمين

 

رحب مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية بالمسيرة التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس، الأحد 10 نونبر الجاري، والتي شارك فيها الآلاف، تنديدًا بتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا.

وحسب المرصد فقد شارك في هذه التظاهرة نحو 13500 شخص ساروا في شوارع العاصمة الفرنسية، وجاءت الدعوة إلى التظاهرة من قِبل العديد من الشخصيات والمنظمات مثل «التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا».

وأضاف المرصد أن المتظاهرين رفعوا لافتات كتب عليها «لنضع حدًّا للإسلاموفوبيا»، و»العيش المشترك ضرورة»، وسط كثير من الأعلام الفرنسية. كما أطلق بعض المتظاهرين هتاف «نتضامن مع النساء المحجبات».

ولفت المرصد إلى أن الرسالة الأساسية التي أرادت هذه التظاهرة إيصالها هي «أوقفوا الإسلاموفوبيا» و»لا للأحكام المسبقة بحق المسلمين» ضحايا «التمييز والاعتداءات».

وجدَّد المرصد دعوته إلى المشاركة الإيجابية في كل جهد يسعى لمواجهة الإسلاموفوبيا بوصفها أحد أشكال العنصرية، كما أوصى بضرورة إيجاد آلية لمزيد من انخراط المسلمين في المؤسسات العامة والتشريعية وفي جماعات الضغط ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب، وتحقيق المشاركة الفاعلة والإيجابية لكافة المواطنين المسلمين في المجتمعات الغربية.

 

فرنسا تحتل صدارة الاعتداءات المسجلة ضد المسلمين

 

حسب مؤشر مرصد الإسلاموفوبيا، فقد شهد سجل 22 اعتداء ضد المسلمين، تراوح بين إيذاء نفسي، اعتداء جسدي، تخريب مساجد، تمييز تشريعي وإداري، ازدراء أديان، في 9 دول مختلفة.

ووضع المرصد فرنسا في قمة المؤشر، من حيث عدد الاعتداءات ضد المسلمين ورموزهم الدينية بواقع 8 اعتداءات بما يمثل نسبته (36.4%)، يتمثل معظمها في اضطهادات وممارسات تتبلور في عوامل الإيذاء النفسي بواقع 3 اعتداءات، كما سجل تمييز تشريعي بقصد قطع أواصر المسلمين في المجتمع، بينما رصد تصريحًا يحمل في طياته ازدراءً للدين الإسلامي، واعتداءً جسديًّا.

وأفاد المرصد بأنّ أمريكا حلَّت في المرتبة الثانية من المؤشر لهذا الشهر بواقع 5 اعتداءات، نفذ أغلبها أفراد يرجح انتماؤهم للفكر اليميني المتطرف، كما شهدت تنوعًا في أنماط الاعتداءات بين اعتداء جسدي وإيذاء نفسي وتمييز إداري، أبرزها الاعتداء على حارس مدرسة بضرب مبرح نقل على أثره إلى المشفى.

وحازت بريطانيا وبلجيكا المركز الثالث بواقع اعتداءين على الأفراد المسلمين والمهاجرين، بينما احتلت هولندا، إيرلندا، البوسنة، كندا، أستراليا المركز الرابع بواقع اعتداء واحد لكل منها بواقع تقترب نسبته من (5%) من جملة الاعتداءات، ما يجعلها مناطق مرشحة بقوة لتنامي العنف ضد المسلمين بها.

وتابع المرصد أنّ الأفراد المسلمين هم الفئة الأكثر استهدافًا من قِبل المتطرفين المعادين للإسلام والمسلمين بنسبة بلغت (59.1%) من حجم الاعتداءات في 4 دول على رأسها فرنسا.

 

675 اعتداء ضد المسلمين في فرنسا خلال عام 2018

 

كشف تقرير ائتلاف مناهضة الإسلاموفوبيا في باريس الذي نشر في مارس 2018، أن المسلمين في عموم فرنسا تعرضوا خلال عام 2018 لـ 675 عملية اعتداء، منها ما هو لفظي أو جسدي، من قبل أشخاص ومؤسسات.

وكشف التقرير أن 77% من مجموع الاعتداءات استهدفت النساء المحجبات، وأن أعمال العنف ضد المسلمين ازدادت بنسبة 52% مقارنة بالعام 2017.

وأوضح ائتلاف مناهضة الإسلاموفوبيا أن هذه الأرقام لا تعكس الحقيقة كاملة وواقع أعمال العنف والعنصرية ضد المسلمين، لأن كثيرا من الضحايا لا يرفعون دعاوى قضائية عند تعرضهم لأعمال عنصرية بسبب معتقداتهم.