رشيد لبكر: خطاب الملك محمد السادس الأخير كان خطاب مصالحة مع المجال المغربي

رشيد لبكر: خطاب الملك محمد السادس الأخير كان خطاب مصالحة مع المجال المغربي رشيد لبكر
يرى رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بسلا، أن منطقة سوس ماسة عرفت إهمالا كبيرا، الشيء الذي انعكس سلبا على هذه الأنشطة الاقتصادية خاصة الرواج السياحي، والإنتاج الفلاحي.
وأبرز لبكر في حوار مع " أنفاس بريس" أن اعلان الملك في خطابه الأخير عن مشروع الخط السككي  بين مراكش وأكادير، من شأنه أن يعزز النشاط الاقتصادي بالمنطقة، ويعيد للمنطقة وهجها ومكانتها الاقتصادية، ويحقق نوعا من المصالحة مع المنطقة.
 
ما هي في نظر الانعكاسات الإيجابية للمشروع الذي أعلنه الملك بشان الخط السككي الرابط بين مراكش وأكادير على تنمية منطقة سوس؟ 
من أجل تنمية مجال ترابي معين لابد أن تتوفر له المقومات الضرورية كي يتنمى وكي يكون منطقة جلب استثماري وسكاني،هذا مبدأ معروف في التنمية الترابية. المشكل الموجود في منطقة سوس ماسة، وهي أنها كانت إلى وقت قريب تعتبر من الوجهات الاقتصادية لاسيماعلى مستوى النشاط السياحي، والنشاط الفلاحي، لكن الذي حدث هو أن هذه المنطقة طالها إهمال كبير، الشيء الذي انعكس سلبا على هذه الانشطة الاقتصادية خاصة الرواج السياحي، بحيث تراجعت عدد ليالي المبيت السياحي، كما عرف القطاع الفلاحي تراجعا كبيرا بحكم غياب استراتيجية فلاحية واضحة، وكذلك بسبب توالي سنوات الجفاف، وغياب رؤية واضحة بخصوص المنتوجات الفلاحية الموجهة للتصدير، الشيء الذي جعل الفلاحين بالمنطقة يتأثرون بالسوق الدولية وتقلباتها، وهو ما جعل العديد من المقاولات الفلاحية تعرف نوعا من الانكماش الذي أثر على الإنتاج الفلاحي بالمنطقة، ساهم فيه كذلك غياب مؤازرة تقنية ومادية من طرف الدولة، من أجل إعادة توجيه القطاع الفلاحي بالمنطقة بالشكل الذي يمكنه من الحفاظ على مكانته الإنتاجية. واعتقد أن الإعلان عن مشروع الخط السككي بين مراكش وأكادير، من شأنه أن يعزز النشاط الاقتصادي بالمنطقة، ويعيد للمنطقة وهجها ومكانتها الاقتصادية، ويحقق نوعا من المصالحة مع المنطقة.
ما دلالات تطرق الخطاب الملكي لذكرى المسيرة الخضراء لمنطقة سوس ماسة والتركيز عليها بشكل كبير؟
تركيز  الخطاب الملكي على منطقة سوس ماسة هو تعبير عن إرادة ملكية في تفعيل الجهوية المتقدمة، ليس فقط في هذه المنطقة بل في جميع المناطق، ثانية تأكيد الملك على ضرورة الاهتمام بالمقومات الاقتصادية والطبيعية المتواجدة في كل جهة  وتعزيزها،لأنه لا يمكننا اليوم تحقيق الجهوية بالاعتماد على المركز، بل أن الخطاب الملكي يركز على تعبئة الإمكانات التي تتوفر في كل جهة من أجل تحقيق التنمية المنشودة ، وما تطرقه لجهة سوس ماسة إلا كنموذج من الجهات التي تتوفر على إمكانات واعدة يمكن أن تحقق لها إقلاعا اقتصاديا مهما، لكنه للأسف  تم اهمال هذه الإمكانات  حتى أصبحت المنطقة فقيرة. ثالثا الخطاب الملكي تطرق لمسألة مهمة ، هي أنه من الخطأ أن ننعت هذه المنطقة بالمنطقة الجنوبية، في حين أن الجنوب المغربي يمتد إلى الكويرة، وبالتالي فمنطقة سوس ماسة هي منطقة وسطى ، ويجب أن تكون حلقة وصل ما بين شمال المغرب وجنوبه، فهذه المنطقة هي منطقة وسطى وهي القلب النابض ، ويجب أن تساهم مع كل من جهة مراكش اسفي وجهة الدار البيضاء سطات، في ربط شمال المغرب بجنوبه وشرقه. اعتقد أن الإشارة الملكية ذكية، وأننا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الجهات الوسطى في أي سياسة تنموية، باعتبار أنها جهات تتمركز فيها الثروة ويعول عليها لتحقيق الإقلاع الاقتصادي بباقي جهات المملكة.
في نظرك ما هي الضمانات التي تجعل هذا المشروع يتجسد على أرض الواقع، مع العلم أن هناك مشاريع كثيرة أعلن عنها الملك لكنها لحد الساعة لم يتم إنجازها أو عرفت مشاكل كثيرة؟ 
نحن نتوفر على دستور،ولدينا مؤسسات، والدستور حدد اختصاصات كل سلطة ، فالسلطة التشريعية لها اختصاصاته، والسلطة التنفيذية كذلك، والسلطة القضائية لها مهامها ، كما حدد الدستور الاختصاصات المخولة للملك، وبالتالي فأنا لا اعتقد أن الملك يجب أن يقوم بكل شيء، ويشرف مباشرة على كل المشاريع، وما فائدة المجالس المنتخبة والحكومة إذا كان الملك يقوم بكل شيء؟. اعتقد أن دور الملك هو التوجيه والإرشاد ونقد وتوجيه السياسة العمومية نحو المسائل الاستراتيجية داخل البلاد. في العديد من المناسبات الملك أعطى إشارات كثيرة، لكن مع الأسف الأحزاب لم تتلقى هذه الإشارات جيدا، ولم ترفع من مستوى النقاش العمومي بالشكل الذي يخدم مصلحة الوطن، وتخوض في مسائل شخصية ونفعية، فالملك يؤدي دوره وأشار إلى مكامن الخلل وعبر عن إرادته لتدعيم هذا المشروع ، وتنفيذ هذا المشروع موكول للجهات المنتخبة و للحكومة وللمكتب الوطني لسكك الحديدية وعلى هذه المؤسسات أن تنسق فيما بينها ، وتحدد الطريقة التي يتم بها تمويل وتنفيذ وتجسيد المشروع على أرض الواقع. وأن يبدعوا في طرق جديدة للتمويل والاهتمام بالعنصر البشري المحلي ليكون عنصرا دعما للمشروع، حتى لا تكون هذه المشاريع منفصلة عن محيطها وعن ساكنتها . لو فهم المسؤولون الخطاب الملكي بدقة، سيجدون أنه خطاب المصالحة مع المجال وخطاب الأجرأة الفعلية للجهات، إذا كان للحكومة والساهرين على تدبير الشأن العام نية حقيقية لتفعيل المطلب الجهوي.