في هذا الإطار تنظم هيئة المحامين بالدار البيضاء ونادي المحامين ندوة دولية حول موضوع "تعويض ضحايا حوادث السير بعد 35 سنة من صدور ظهير 2 أكتوبر 1984 "، وذلك يومي 1و2 نونبر 2019، بفندق فرح بالدار البيضاء.
وحسب أرضية الندوة الموقعة من قبل الأستاذ حسن بيرواين نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء، فإن ظهير 1984 لم يحقق التوازن المطلوب بين مصالح المصابين وبين مصالح شركات التأمين. إذ حدد وسائل تقدير التعويضات وفق الجداول الملحقة به، وأقر سقفا لا يمكن تجاوزه في تحديد التعويض، وهو سقف لا يغطي حتما كل الضرر الذي قد يلحق المصاب أو ذوي حقوقه، و استبعد بدلك مبدأ ''التعويض الكامل للضرر".
بالمقابل يعتمد ظهير 1984 بشكل مختزل في تحديد التعويض على الأجر وسن الضحية وعنصر الضرر الجسدي، سواء تعلق الأمر بالتعويض عن العجز الكلي المؤقت أو العجز الدائم، ويبقى أساس التعويض هو فقط الرأسمال الموازي للكسب المهني أو الأجر أو سن الضحية يوم وقوع الحادثة.
وتناقش الندوة الدولية إشكالات قانونية ينبغي العمل على تدارسها، وتقتراح حلول وتوصيات بشأنها قصد معالجتها، منها على سبيل الحصر:
الإشكالات المتعلقة بالضرر القابل للتعويض: الأضرار القابلة للتعويض هي فقط تلك المتعلقة بالحقوق المالية الخاصة بفقدان الأجر سواء بشكل دائم أو مؤقت، والإشكالات المتعلقة بالشواهد الطبية الأولية، إذ غالبا ما يتم تسليم ضحايا حوادث شواهد طبية تقل عن 21 يوما على الرغم من خطورة الإصابات اللاحقة بهم، وهو ما يشكل إجحافا خطيرا في حقوق المصابين، وانحيازا واضحا لصالح شركات التأمين. كما ان هناك إشكالية طريقة احتساب التعويض حسب الرأسمال المعتمد لا تتماشى مع إرتفاع الحد الادنى للأجر المعمول به مما يؤدي إلى تعويضات هزيلة، فالملاحظ أن ظهير 1984 لا زال يعتمد في حساب التعويض على حد أدنى للأجر لا يتعدى 1800 درهما، على الرغم من مراجعة الحد الأدنى للأجور عدة مرات بمقتضى قرارات متتالية صادرة عن رئيس الحكومة ومنشورة في الجريدة الرسمية، وهو ما يقتضي سن مقتضيات تشريعية تحدد عناصر تحيين الجداول بصفة تلقائية و مستمرة،
وعلى سبيل المثال فإن ظهير 1984 لا زال يعتمد كأساس في حساب التعويض المستحق لفئة الطلبة على حد أدنى لا يتعدى سقف 1800 درهم لإستخراج الكسب المهني السنوي الأدنى، على الرغم أنه تمت مراجعة الحد الأدنى للأجر عدة مرات و إستقر في مبلغ 2689 درهم، فالفارق بين مبلغ 2689 درهم و مبلغ 1800 درهم هو كبير، مما يعطي فكرة واضحة عن حجم المبالغ الضخمة التي تستفيد من ريعها شركات التأمين، وعن الحيف والظلم في حق هاته الفئة الهشة.
ومن المؤكد أن الحد الأدنى للأجر يعتبر من النظام العام، لذلك فإنه في انتظار تحيين مقتضيات ظهير 1984 يستوجب أن يمارس القاضي دوره في ترسيخ احترام النظام العام وتحيين الرأسمال المعتمد كتعويض واجب للطلبة و ذوي الدخل المحدود، وذلك لتحقيق الدفاع عن الفئات الهشة لا سيما وأن ظهير 1984 ميز على نحو تعسفي بين ذوي الدخل المحدود وذوي الدخل المرتفع.
بخصوص الإشكالات المتعلقة بهزالة قيمة التعويضات، فإن قيمة جل التعويضات هزيلة ولا تتعدى في المتوسط 25000 درهم وهي قد تكون مشمولة بالنفاذ المعجل في الربع أو الثلت أو النصف.
في حالة التعويضات الهزيلة تصل المصاريف القضائية وصوائر الخبرة إلى ربع أو نصف مبلغ التعويض المحكوم، ومن باب الإنصاف يجب إخضاع التعويضات التي لا تتعدى 30000 درهم للنفاذ المعجل الكلي.
كما أنه من المجحف أن تستأنف شركات التأمين جل ملفات التعويض عن حوادث السير مهما بلغت القيمة الزهيدة للمبالغ المحكوم بها لفائدة المصاب. وتقترح الورقة حصر الطعن بالإستئناف فقط في التعويضات التي تتعدى 30000 درهم.
الإشكالات المتعلقة ببطئ إحالة محاضر حوادث السير لنيابة العامة، إذ يعاني الضحايا من بطء المساطر القضائية المتعلقة بإنجاز وإحالة محاضر حوادث السير على النيابة العامة، وبطء هذه الأخيرة في دراسة القضايا وتكييف الفعل نظرا للكم المهول المعروض على وكلاء الملك، مما يدفع بالمحامين إلى توجيه عدة رسائل تذكير وتعجيل بالدراسة.
في هذا الإطار يجب إلزام الشرطة القضائية بإنجاز وإحالة محاضر حوادث السير على المحكمة في أجال معقولة، كما يجب إلزام النيابة العامة بدراستها في أجال محددة.