عبد الواحد الراضي: المصالحة الحقيقية هي حضور جميع الاتحاديين الغاضبين للمؤتمر القادم للحزب

عبد الواحد الراضي: المصالحة الحقيقية هي حضور جميع الاتحاديين الغاضبين للمؤتمر القادم للحزب عبد الواحد الراضي
نجح عبد الواحد الراضي، الكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي، في بعث رسائل مهمة للبيت الاتحادي ولكل الحاضرين في اللقاء الذي نظمه الاتحاد الاشتراكي بجهة الدار البيضاء سطات مساء يوم الجمعة 25 أكتوبر 2019، تحت شعار: الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية: نحو أفق جديد، إذ استطاع خلال كلمته التوجيهية أن يرسم ملامح الأفق الجديد لحزب عمر 60 سنة قضى منها 40 سنة في خندق المعارضة والنضال من أجل المبادئ والقيم الاشتراكية...
وضع عبد الواحد الراضي، رئيس لجنة التحكيم والأخلاق، إصبعه على داء وكان طبيبا بارعا في تشخيص أمراض حزب الاتحاد، وهي الأمراض التي بدأت أعراضها تظهر على جسد الاتحاد، منذ تراجع الحزب في انتخابات 2007 وحصوله على الرتبة الخامسة، وهنا يطرح الراضي سؤال لماذا تراجع الاتحاد؟
بالنسبة للقيادي الاتحادي، والذي عاش جميع المحطات التي مر منها الاتحاد الاشتراكي منذ سنة 1959 إلى اليوم، فأزمة الاتحاد تتلخص في سببين رئيسيين الأول سياسي: يتمثل في القرارات التي اتخذتها مؤسسات الاتحاد بشكل جماعي وديمقراطي، كالتصويت على دستور 1997، والتناوب التوافقي، والمشاركة في حكومة إدريس جطو سنة 2002، وهنا يتسائل الراضي قائلا: هل هذه القرارات التي اتخذها الحزب كانت صائبة أو لا ؟ ويستطرد مجيبا التاريخ هو الوحيد القادر على أن يوفر للأجيال القادمة الجواب الشافي .
أم السبب الثاني، في نظر عبد الواحد الراضي، فهو داخلي مرتبط بسلوك وتصرفات الاتحاديين والاتحاديات، فيما بينهم، وهو السلوك الذي كان سببا في تراجع إشعاع الحزب ، حيث انخرط أعضاءه في حلقيات وتيارات واتجاهات ،و لم يعد هدف المناضلين تحقيق المشروع المجتمعي وتطبيق برنامج الحزب ولم يعد همهم الاهتمام بقضايا الشعب، بل أصبح الحزب بيد مجموعات متصارعة من أجل بسط سيطرتها على المؤسسات وصراع المواقع، وأضحى منطق التكتلات والولاءات هو الغالب مما أدى إلى ظهور انشقاقات بالحزب.
وبما أن تشخيص الداء يحتاج إلى دواء، أبدع القيادي الاتحادي، في وصف الدواء رغم مرارته ورغم صعوبة بلعه من طرف بعض القيادات الحالية التي استفادة من أزمة الاتحاد.
إذ تساءل عبد الواحد الراضي، قائلا: اليوم نريد المصالحة، لماذا هذه المصالحة؟ فنجاح المصالحة يستلزم الاستفادة من أخطاء الماضي، أي أن يحدث الحزب قطيعة مع التصرفات والسلوكيات الماضية، فالمصالحة التي أعلن عنها اليوم -يقول الراضي- هي مصالحة عاطفية لكنها لن تحقق النجاح المرجو منها، إلا بالانخراط في مصالحة عقلانية وسياسية وبرجوع الحزب إلى أصله، وأن يكون للاتحاد مشروع مشترك مجتمعي لا مشاريع شخصية من أجل مكاسب حزبية ضيقة.
فالتجربة التي راكمها القيادي الاتحادي طيلة نشاطه السياسي ومشاركته في 10 مؤتمرات مهمة لحزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، جعلته يقدم مجموعة من التوجهات خلال هذا اللقاء التأطيري، أبرزها وضع أرضية سياسية ومرجعية وتحيين هوية الحزب، والعودة لقيم ومبادئ اليسار (نحن حزب اليسار وقيم ومبادئ اليسار لم تتغير ، ويجب أن نرجع لقيم ومبادئ اليسار...)، تم وضع برنامج سياسي يحدد فيه الحزب ماذا يريد؟ وما يجب أن يقوم به من أجل الشعب؟ وأن يقطع الحزب مع منطق الإقصاء لأن عدو الاتحاد هو الإقصاء الذي يؤدي إلى الإنقسام، يقول عبد الواحد الراضي.
فالتوجيهات التي استعرضها عبد الواحد الراضي، تشكل بالنسبة له أسس المصالحة العقلانية السياسية المكملة للمصالحة العاطفية ، غير أن ثمار هذه المصالحة سواء العاطفية أو العقلانية السياسية، لن تتحقق في نظر الراضي ، إلا بعقد المؤتمر القادم في أقرب وقت وبحضور جميع الاتحاديين والاتحاديات ، وأن تبدأ اللجنة التحضيرية أشغالها مباشرة بعد احتفالية الوفاء المقررة يوم الثلاثاء 29 أكتوبر 2019، كي تنكب على الإعداد للمؤتمر بكيفية ديمقراطية من أجل انبعاث حقيقي للحزب.
حاول عبد الواحد الراضي في ختام كلمته بعث إشارات لداخل الحزب ولخارجه ممن يهمهم الأمر، من خلال وضع النقط على الحروف فيما يخص علاقة حزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية مع النظام أو ما سماه الراضي بالحكم، فحسب القيادي الاتحادي، فإن مغرب اليوم ليس مغرب الأمس ، وبالتالي فإن الاتحاد اليوم ليس هو اتحاد الستينات والسبعينات والثمانينات، وبما أن العالم كله يتغير، فإن الحزب كذلك يجب عليه أن يتغير،وهو ما جعل عبد الواحد الراضي يؤكد على أن الحزب اليوم ليس هدفه مواجهة الحكم، فالأحزاب هي الدولة،وتشتغل معها، ونحن كحزب جزء من الدولة، نحن مع الحكم ومع الشعب، لأن ما يهمنا -يقول الراضي- هو تحسين الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، وهذا يتحقق بحكومة قوية ونزيهة وعادلة....