تتطرق سعاد السباعي( برلمانية سابقة وصحفية بإيطاليا) ، في حوارها مع جريدة "أنفاس بريس" لمشاكل الجالية المغربية بالخارج، وخصوصا بالديار الإيطالية ، حيث تعاني العائلات المغربية من الحرمان من فلذات أكبادهم بمبرر تردي أوضاعهن المادية. كما تتطرق للتعقيدات المسطرية التي يعاني منها أبناء الجالية من أجل الحصول على الدعم المالي الذي تخصصه السلطات الإيطالية لفائدة الباحثين عن الشغل، مضيفة بأنه لا يكفي تعيين امرأة على رأس الوزارة المكلفة بالجالية المغربية بالخارج بل لابد من الإنكباب على معالجة مختلف المشاكل التي تتخبط فيها الجالية المغربية، وعلى رأسها حرمانها من الحق في التصويت في المحطات الإنتخابية، خلافا لبلدان أخرى، مثل باكستان وتونس والجزائر.
ماهو تقييمك لأوضاع الجالية المغربية بإيطاليا ؟
السفير السابق رغم مغادرته روما فقد ترك إرثا ثقيلا من المشاكل، وأبرزها مشكل الأطفال، حيث يتم حرمان العائلات المغربية من فلذات أكبادهم بذريعة وجود مشاكل مادية، وحتى ولو افترضنا وجود مشاكل مادية أو عدم توفر العائلة على مسكن، فهذا لايبرر حرمان هذه العائلات من أطفالها.
وكم يقدر عدد العائلات المغربية التي حرمت من أبنائها بإيطاليا بذريعة وجود مشاكل مادية؟
هناك الكثير من الحالات، وهذا المشكل مطروح في مختلف المناطق الإيطالية، حيث أن المساعدات الإجتماعية يقدمن تقارير مبالغ فيها عن مشاكل العائلات المغربية، ليتقرر حرمانها من أطفالها وتسليمهم إلى عائلات ايطالية ليس لديهم أبناء، بدل التفكير في مساعدتهم بتوفير السكن أو تقديم دعم مادي لفائدتهم.
وهل سبق لكم كجمعيات مدنية مغربية أن طرحتم الموضوع للقنصليات المغربية بإيطاليا ؟
سبق لنا أن عقدنا لقاء في الموضوع مع القنصليات المغربية، ومسؤولو القنصليات على اطلاع جيد بهذا المشكل، لكن ليست لديها الإمكانيات الكافية لتجنيد عدد كبير من المحامين للدفاع عن العائلات المغربية في مواجهة السلطات الإيطالية، والأمر يتطلب تدخل وزارة الخارجية، والوزارة المكلفة بالجالية المغربية بالخارج، وشخصيا أتكفل بتوفير عدد كبير من المحامين لفائدة العائلات المغربية، لكنني عاجزة عن توفير ذلك لجميع الضحايا.
وماذا عن مشكل تمدرس أبناء الجالية المغربية بإيطاليا ؟
الكثير من أبناء الجالية المغربية بالخارج انقطعوا عن الدراسة بسبب مشاكل مادية، ونحن بحاجة ماسة إلى ممارسة الضغط من طرف الحكومة المغربية لتحسين أوضاع العائلات المغربية المقيمة بإيطاليا، فهناك الكثير من أبناء الجالية المغربية وبعد سنوات طويلة من الهجرة بإيطاليا وجدوا أنفسهم بدون شغل، ولعل وجه المفارقة هو توقيع الحكومة المغربية اتفاق مع الحكومة الإيطالية بمقتضاها يدفع المهاجرون المغاربة الذين يمتلكون منازل في المغرب ضرائب لفائدة الدولة الإيطالية، علما أنه لا مجال للمقارنة بين امتلاك منزل في ايطاليا وامتلاكه في المغرب، وهذا أمر غير معقول، إذ كان من المفترض تأدية هذه الضرائب في المغرب وليس في ايطاليا، والأنكى من ذلك أن الكثير من العائلات المغربية التي تمتلك مجرد بيوت صغيرة تدخل في عداد العائلات التي تتوفر على منازل في المغرب، وهو ما يؤدي إلى حرمانها من الحصول على الإعانات المالية، مع ضرورة الإشارة إلى أن مسطرة الحصول على الدعم المالي الذي تقدمه السلطات الإيطالية لفائدة محدودي الدخل والذي يتراوح مابين 500 إلى 700 أورو لمساعدة الباحثين عن شغل لا يخلو من تعقيدات إدارية وكثرة الوثائق المطلوبة، وهو ما يؤدي إلى إقصاء العديد من المهاجرين المغاربة من الإستفادة من هذه الإعانات، علما أن قنصليات الفلبين على سبيل المثال تتكفل بتعبئة ملفات طلب الإستفادة من الدعم لفائدة أبنائها المهاجرين.
وهل المشكل يقتصر على الجالية المغربية بإيطاليا أم يشمل باقي الجاليات الأجنبية ؟
من المؤكد أن المشكل لا يقتصر على الجالية المغربية، بل يشمل جاليات أخرى، لكن الجالية المغربية بإيطاليا تعد أكبر جالية أجنبية في ايطاليا، باعتبارها أقدم جالية أجنبية، فوجودها يعود إلى سنة 1981، وبالتالي فمرور كل هذه الفترة يفترض أن تكون الجالية المغربية قد اندمجت في المجتمع الإيطالي وحصلت على مختلف حقوقها الإقتصادية والإجتماعية، ناهيك عن عودة بعض الممارسات التي تحن إلى العهد البائد، في السنوات التسع الأخيرة، ومنها زرع الرعب والخوف في صفوف أبناء الجالية المغربية من إمكانية التعرض لمضايقات من السلطات المغربية في حالة الإحتجاج أو المطالبة بالحقوق، علما أن نضالنا يقتصر على مجال حقوقي محض يتعلق بحقوق الإنسان وحقوق المهاجرين.
تحدثت عن وجود تراجعات في السنوات التسع الأخيرة، فماهو سبب ذلك ؟
سبق لي أن أجبت عن هذا السؤال في حوار سابق مع "أنفاس بريس"، والأمر يعود كما قلت إلى السفير السابق بإيطاليا حسن أبو أيوب، لكن هذا العهد انتهى مع تعيين سفير جديد، ويتحتم علينا جميعا التجند للعمل من أجل تحسين أوضاع الجالية المغربية بإيطاليا، مع ضرورة الإشارة إلى أن السفير ليس بمقدوره لوحده الإجابة على مختلف المشاكل التي تعترض الجالية المغربية بإيطاليا، ونحن بحاجة ماسة إلى تدخل الوزيرة الجديدة المكلفة بالجالية المغربية بالخارج بحكم أنها سبق لها أن أقامت بإيطاليا كما أنها على اطلاع كاف بمشاكل الجالية، وأقترح عليها إحداث مكتب خاص لتلقي شكايات المهاجرين المغاربة بمختلف القنصليات المغربية بإيطاليا.
من المعلوم أن الوزيرة الجديدة المكلفة بالجالية المغربية بالخارج نزهة الوفي تنتمي لـ "البيجيدي" الذي يقود الحكومة منذ 2011، وهي الفترة التي شهدت تراجعات على مختلف الأصعدة ( التعليم، الصحة، تفاقم المديونية..) فكيف يمكنكم المراهنة على تحسين أوضاع الجالية في ظل هذه المعادلة ؟
تماما..الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية تفاقمت بشكل كبير في المغرب خلال السنوات الأخيرة، وحكومة " البيجيدي" للأسف تبدو عاجزة عن تحقيق أية نتائج، ولهذا السبب قلت إننا نعاني من "بلوكاج" منذ تسع سنوات، فقضايا الجالية المغربية بالخارج لها ارتباط وطيد بمشاكل الداخل، وبالتالي فتعيين الوزيرة الجديدة ينبغي أن يكون مقرون بإيجاد مشاكل للجالية المغربية بالخارج ولسنا بحاجة لتعيين امرأة على رأس وزارة الجالية المغربية بالخارج دون التجاوب الفعلي وايجاد الحلول لمشاكل الجالية المغربية بالخارج، وعلى رأسها منحنا الحق في التصويت في الإنتخابات التشريعية على غرار مختلف الجاليات الأجنبية التي تصوت في سفاراتها وقنصلياتها بالخارج، وضمنها دولة باكستان، وتونس والجزائر، وما دامت الجنسية المغربية تظل ملتصقة بأصحابها حتى في حالة حمل جنسيات أجنبية فلماذا يتم الإستمرار في حرماننا من حق التصويت كي نتمكن من التصويت على من يمثلنا في المؤسسات المغربية، خصوصا أن الجالية المغربية لها حضور وازن في عدد من البلدان الأجنبية : فرنسا، ايطاليا، بلجيكا، اسبانيا..وأعتقد أنه ما دمنا لا نمتلك الحق في التصويت، فلا أحد سيسمع لمشاكلنا وآلامنا، ومن النادر جدا في ظل الوضع الحالي أن يتواصل معنا صحفي من المغرب للحديث حول مشاكل الجالية المغربية بإيطاليا، لكن حينما سيمنح لنا الحق في التصويت فمن المؤكد أن الجميع سيتهافتون من حولنا..