لا حياد مع الأصوليين!

لا حياد مع الأصوليين! عبد الرحيم أريري

في مناسبة سابقة قلنا إنه لو كان لأسبوعية «الوطن الآن» وموقع «أنفاس بريس» الحق في التصويت في الانتخابات لقمنا بالتصويت ضد حزب «البيجيدي». لا يهمنا ما يقوله القانون من وجوب ضمان سرية التصويت، لأننا نعتبر هذا القانون ظالما لكونه فصل على مقاس نخبة لا يربطها إلا "الخير والإحسان" بالمجتمع، ولهذا نخرق هذه السرية ونعلنها جهارا، أن "لا حياد مع الأصوليين".

 

اليوم نجدد هذا التأكيد للرد على من يتهمنا بأننا نسلط كشافات ضوئنا على حزب العثماني وحكومته أكثر مما نخصصه لأحزاب أخرى.

 

وهذا الطرح واه، لأن الذي يسير الحكومة حاليا (وقبلها بعد اقتراع 2011) هم الأصوليون، وبالتالي فمن المنطقي أن نهتم أكثر بمن ينهش المغرب والمغاربة عبر القوانين الظالمة والإجراءات المجحفة ضد الشعب المغربي (خاصة ضد الطبقة المتوسطة والشعبية).

 

أضف إلى ذلك أن «البيجيدي» (شأنه شأن باقي الأحزاب) يتم تمويله من المال العام كل سنة، وهذا مبرر لوحده كاف لينهض كحجة لنراقب حزب البيجيدي وغيره من التنظيمات السياسية.

 

لسنا في حاجة لنحصل على بطاقة عضوية «البيجيدي» لنناقش سياساته العمومية. فالمواطن (حتى لو لم يكن منخرطا في أي حزب) فهو معني بالنقاش والمتابعة والمواكبة لكل ما يجري في الأحزاب (كانت في الأغلبية أو في المعارضة)، لأن هذه الأحزاب هي التي تصل إلى البرلمان وتشرع النصوص وتسن القوانين التي «تنغص» حياة المواطن في التعليم والصحة والتقاعد والاستهلاك إلخ..، وهذه الأحزاب هي التي تصل إلى الحكومة محمولة على أكتاف تصريح زكته الغرفتين ويتم تصريفه (أي التصريح) في قوانين المالية كل عام.

 

وهذه الأحزاب هي التي يزدرد وزرائها ونوابها ومستشاروها ورؤساء جماعاتها وجهاتها ومجالسها الإقليمية «حلوى الريع» و"الامتيازات" و"الغنائم" و"المعاشات".

 

فإن كانت هذه الأحزاب تمول نفسها بنفسها، ولا تمس القدرة الشرائية للمواطن ولا يتم حلب جيوب المغاربة بالضرائب المرهقة أو لم تبصم الأحزاب بأياديها على قرارات سوداوية، ولا تطأ أقدامها البرلمان أو الحكومة أو الجماعات وباقي المجالس الاستشارية والمؤسسات العمومية، لهان الأمر، ولأصبح مقبولا اتهام كل واحد يراقبها وينتقدها بأنه متطفل.

 

تأسيسا على ذلك نؤكد أن ما يحكم خطنا التحريري في «الوطن الآن» و"أنفاس بريس"، هو الاصطفاف وراء كل شرفاء الوطن ضد من يحتقر المغاربة ويستبلد ذكاءهم، فلا فرق عندنا بين من يتاجر بالمخدرات وذاك الذي يتاجر بالدين، فكلاهما شر ينبغي فضحه والتصدي له وتأزيم خطابه.

 

إن الوقت يداهمنا كمجتمع، ومحطة 2021 لا تفصلنا عنها سوى فترة قصيرة، وإن لم تحدث رجة في التنظيمات السياسية والمدنية للتعبئة لتدارك ما يمكن تداركه، فلن يتم تحرير المغرب من القبضة الأصولية، وحينها سيصبح الأصوليون "شركاء في الحكم".

 

وهذا هو الخطر.