"تيار ولاد الشعب" يدعو لتحرير الاتحاد الاشتراكي من قبضة زمرة التسلط التنظيمي الحالي

"تيار ولاد الشعب" يدعو لتحرير الاتحاد الاشتراكي من قبضة زمرة التسلط التنظيمي الحالي إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي (يسارا) وعبد المجيد مومر، رئيس تيار أولاد الشعب

أصدر تيار ولاد الشعب بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وثيقة طرحها للنقاش، وذلك في سياق الظرفية المتأزمة التي يعيشها الحزب، تحت قيادة إدريس لشكر أو ما يفرضه المشهد السياسي الذي أضحى يعيش عليه الحزب من تناسل "التمييع" و"التهافت" على الاستوزار، والذي من المفروض أن يبادر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي. وفي يلي نص الوثيقة:

 

"يعيش حزب الاتحاد الاشتراكي مرحلة مفصلية من مساره السياسي ينبغي استيعابها وفهم مغزاها ليس باستحضار الماضي النضالي كنوستالجيا تقوي رغبة نفسية في التشبث بالوهم والتباكي على الماضي، أو بالاستسلام لخطاب التنافر والصراع والاختباء وراء رفع صور الشهداء. إن المرحلة تقتضي من الجميع مواكبة التحولات الكبيرة من خلال مواكبة جيل الثورة الرقمية الذي هو جيل بحمولات ثقافية وتمثلات فكرية ودلالات رمزية مختلفة، واستثمار التراكم التاريخي بشكل راقي عبر تعزيز البنى التحتية للمشروع الحداثي الديمقراطي. فعلينا جميعا استيعاب التنصيص الدستوري على حرية الفكر والإبداع، مثلما ينبغي أن نجسد المحفز للإسهام في التغيير عبر تسخير الطاقات والجهود لإبداع الحلول والخروج من ثقافة إلقاء اللوم على الآخر، مع أخذ زمام مصير حزبنا بأيدينا وعدم الاستسلام للمعيقات المركبة التي تمنعنا من ولوج عالم الحداثة السياسية .

 

ولعل المدخل لكل ذلك ينطلق من إحداث ارتقاء مفاهيمي والانتقال بالحزب من مصطلح "تنظيم منغلق" إلى مفهوم "المؤسسة المنفتحة" بكل ما يحمله من دلالات ثقافية وسياسية رصينة، فقد ولى زمن الزعامات التاريخية والشعبوية وحل زمن التعاقد.

 

من أجل ذلك يظل المحرك الثقافي قوة الدفع التي لا استغناء عنها لتأطير كل فعل سياسي يساري يقصد تعزيز آليات تحليل الواقع وتفكيك موازين القوى وامتلاك القرارات الرزينة القادرة على بلورة البرنامج المجتمعي المشترك من باطن التنظيم الحزبي الجامع للتفاعلات الفكرية العميقة.

 

وحيث أن هذه "المؤسسة" المأمولة ينطلق وجودها وجوبا من إنماء الوعي المعرفي لأن البنية التنظيمية ليست إلا دالة مشتقة تجسد المنحى العملي والميداني للفكرة المرجعية. فلابد من استنبات ثقافة تنظيمية تستند على قيم الديمقراطية والحداثة وتنهل من أسس الفكر الاتحادي اليساري من تحرير واشتراكية ديمقراطية بخصائص مغربية. وقد سبق أن شكل النضال الاتحادي في سالف مراحله علامة فارقة وأنموذجا يساريا بليغا في نشر ثقافة التحرر والعطاء والتضحية والتسامح مع تغليب مصالح الوطن على مصالح الذات الحزبية.

 

وإذا كان حزب الاتحاد الاشتراكي يعيش اليوم على ضفة النقيض عكس كل ما سبق جرده، إلا أنه من الاستحالة تجاوز عمق المبدأ القاضي بضرورة التشبث بالأمل مع العمل وعدم الاستسلام لليأس أو التيئيس مهما تعددت مصادرهما. لذا يظل الاقتناع بإلزامية انتعاش الوعي الثقافي داخل بنية العقل الاتحادي المدخل الكفيل لإعادة قراءة التجربة اليسارية الاتحادية وتنقيحها من شوائب المشاركة الحكومية الحالية التي عمقت جراح البنية الحزبية بأمراض الانتهازية الخبيثة ومرجعية التسيب وفوقهما الشلل الفكري الذي جعل القيادة الحالية تنقلب على المقررات الأيديولوجية التي أقرتها المؤتمرات الوطنية ، عبر التحالف الحكومي المذل مع فلول الحركات المؤدلجة للإسلام. وتبقى النتيجة الحتمية في جميع الحالات هي الاحتيال السياسي بالقرار الحزبي ووأد الفكر الاتحادي المتنور بشكل جعل حزب الاتحاد الاشتراكي منفصلا عن حاضنته الثقافية وغارقا في مستنقع استجداء وتوسل الحقيبة الوزارية دون قدرة على المصالحة مع هويته اليسارية الحداثية وقواته الشعبية.

 

ومن تم لا يمكننا التبشير بالرجة التنظيمية إن لم تسبقها الرجة المعرفية والثقافية التي تكشف المستور ولا تستر العيوب، رجة مستبصرة تقطع الطريق على خطابات التضليل والتمويه السياسوي الفارغ وتفتح الأفاق أمام كل الأجيال الاتحادية، هذه الأجيال التي اجتنبت الممارسة السياسية رغم احتفاظها بمنسوب معين من الأمل في إنقاذ حزب القوات الشعبية من خطر الاضمحلال القاتل، وكذلك تطوير الأداة الحزبية وفق منظور ثقافي متجدد يجعل من البنية التنظيمية فضاء ومجالا مشتركا يحتضن قيم التعايش والتبادل والإبداع مع حسن تدبير الاختلاف. وهنا وجب التنبيه إلى أن إعلان موت حزب الاتحاد الاشتراكي هو مجرد شعار تبسيطي تضليلي ملغوم غرضه الحقيقي إجهاض آمال الجيل الجديد في تحرير الفكر الاتحادي اليساري الوطني من قبضة زمرة التسلط التنظيمي الحالي الذي يتزعم تياره إدريس لشكر.

 

إن القصد المراد من هذا التركيب السياسي ليس نثر الرثاء ولا نشر صكوك الاتهام، بل القصد تحفيز محمود لكل الحالمين بواقعية، لكل الصامدين بثبات، ولكل المقتنعين بأن الاستسلام لتيار إدريس لشكر المتسلط والمتحالف مع خدام الكهنوت، لم ولن يكون جزءا من ثقافة النضال الاتحادي السليم. فلنسائل ضمائرنا جميعا :

- أين السابقون بالفكر اليساري الوطني؟!

- أين المسترزقون به؟!

- ثم أين الساعون نحو تجدده؟!

 

قد تتعدد الإجابات غير أن اختيار ” ولاد الشعب” تلخيصه اعتراف بأن ماضي الاتحاد الاشتراكي درس وعبرة وأن المسترزقين أسقطتهم الإرادة الشعبية، ثم أن تجدد الفكر الاتحادي اليساري هو معركة ثقافية بل إرادة عقل يساري جديد يحارب الإقصاء بالإبداع ويدفع اليأس بالأمل، إرادة جيل جديد من القوات الشعبية له ما يكفي من القناعة والاقتناع بأن الغد المشرق يصنعه الشباب اليساري الوطني المجدد المساهم و المبادر .

 

ذاك هو اختيار تيار ”ولاد الشعب” المؤسس وفق استراتيجية النضال الحداثي المتضامن التي تسمو فوق ضغائن السلوك الانتقامي الحاقد وتتجاوز تحقيق مكتسبات لحظية سرعان ما تتلاشى وتتفتت، ثم تنتصر للاختيار الحداثي الشعبي الذي ينطلق من المصالحة مع الذات أولا وعدم الانسلاخ عن السياق الثقافي والاجتماعي للجماهير الشعبية عند كل محاولة تحيين للفكر اليساري المغربي حتى لا ينتهي بنا المسار على هامش المجتمع.

 

هذا الاختيار الشبابي سيظل حركة إزاحة معرفية فكرية وثقافية مستقيمة لتنبيه الغافلين وتذكير الرفيقات والرفاق، الذين قد تنفعهم الذكرى، بأن مدرسة الاتحاد اليسارية لازلت مستمرة في العطاء المتجدد حاملة لتطلعات القوات الشعبية. لقد شكل التصويت الايجابي على التعاقد الدستوري منعطفا جديدا في مسار الحركة الاتحادية بفتح صفحة جديدة من النضال من أجل تعاقد يمكن من بناء الملكية البرلمانية، ويمكن الشعب المغربي من امتلاك إرادته ومصيره، وفتح أبواب الأمل أمام الجيل الجديد لبناء وطن المستقبل. هذا المنعطف التاريخي يفرض على الذات الاتحادية تحولا مفصليا يعزز الخيار الحداثي الديمقراطي ويمكن الجيل الجديد من تقوية المؤسسات عبر النضال الجماعي من أجل تأويل حداثي للدستور ينطلق بدمقرطة الأداة الحزبية وإعادة تأهيلها عبر تجديد مشاريعها السياسية بهدف خدمة أدوارها الدستورية".