المرزوقي يفكك أسباب اختفاء الوزارة المكلفة بشؤون الهجرة في حكومة العثماني

المرزوقي يفكك أسباب اختفاء الوزارة المكلفة بشؤون الهجرة في حكومة العثماني بن يونس المرزوقي
وأنا أتفحص التشكيلة الحكومية الجديدة، أثار انتباهي غياب بعض القطاعات الوزارية، أحيانا باعتبار أنها تدخل في إطار صلاحيات قطاعات أخرى بشكل مُباشر أو غير مُباشر، وأحيانا دون أي سبب مفهوم.
ويُمكن أن أشير مثلا إلى إلغاء وزارة الاتصال، وإلى استبدال التعاون "الدولي" بـالتعاون "الإفريقي"... لكن الغريب كان هو اختفاء القطاع الوزاري المكلف بشؤون الهجرة !!!
ويرجع السبب في وضع علامات التعجب إلى أسباب كثيرة، منها أولا أن سياسة الهجرة تسير في المغرب بشكل جيد، حيث أن هناك توجيهات ملكية، خاصة منذ خطاب 6 نوفمبر 2013، مكنت المغرب من احتلال مرتبة مُتقدمة في مجال تدبير شؤون الهجرة واللجوء، وهو ما تبلور في شكل استراتيجية وطنية تضمنت 11 برنامجا، و81 مشروعا و27 هدفا خاصا، جعلت من هذا الورش محط أنظار العالم كتجربة يُحتذي بها.
والأكثر من كل هذا، وهو أنه تمت عمليات مُتعددة لتسوية أوضاع الأجانب المقيمين بالمغرب، لدرجة أن المغرب قدم نموذجا ملموسا للقارة الإفريقية. ومما زاد في هذه المكانة الاهتمام الملكي الشخصي بهذا الموضوع واقتراحاته الموجهة للاتحاد الإفريقي الذي تبناها، وتُوج كل هذا باستضافة المغرب للمؤتمر الدولي للأمم المتحدة حول الهجرة المنظمة.
وللوصول لهذه المكانة كان لا بد من قطاع وزاري يتولى، إلى جانب تنفيذ التوجيهات الملكية والإستراتيجية الوطنية، التدبيرَ اليومي لشؤون الهجرة واللجوء، فتم إحداث قطاع لشؤون الهجرة بتاريخ 10 أكتوبر 2013 وتم إلحاقه بالوزارة المكلفة بالمغاربة القاطنين بالخارج.
لذلك، فإنه من الطبيعي أن يتعجب المتتبعون من اختفاء هذا القطاع في التشكيلة الحكومية الجديدة، وأن يتم طرح التساؤلات التالية:
ما دام أن سياسة الهجرة بالمغرب أصبحت نموذجا يُحتذى به، فمن الدافع إلى إلغاء هذا القطاع؟
كيف ستتلقى ا لدول الإفريقية الشقيقة مسألة إلغاء المغرب لقطاع شؤون الهجرة، بل كيف سنُفسر لهم هذا الإلغاء؟
كيف سيكون مُستقبل اللجوء في المغرب ما دام مُرتبطا بالهجرة، وخاصة أن المغرب لا زال لم يُبلور نصا قانونيا حول قضية اللجوء؟
إذا كان وزارة الشؤون الخارجية هي من سيتولى هذا الموضوع بشكل مُباشر، فلماذا تم تسمية الوزارة بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج فقط؟
ولماذا أصبحت الوزارة المنتدية مُكلفة فقط بالمغاربة المقيمين بالخارج؟
وإذا كانت وزارة الداخلية هي التي ستتولى تدبير هذا الملف، فإن دورها لا يُمكن تجاوزه لكن في الشق الأمني فقط، فمن سيتولى صنع السياسة العمومية في الموضوع؟
وباختصار:
هل من الضروري إلغاء أي قطاع ساهم في تنفيذ أو بلورة سياسة عمومية ناجحة؟
إذا كان الجواب إيجابيا، فمن حرم المغاربة من سياسة عامة وعمومية يفتخر بها، وأبعد الأطر التي ساهمت في تنفيذها؟
وإذا كان الجواب سلبيا، فإن الهندسة الحكومية الحالية لا زالت تحتاج للمزيد من التدقيق.
 
بنيونس المرزوقي/  أستاذ جامعي بكلية الحقوق بوجدة