ويكتب : مرعوبا استيقظت، أمس، في عمق الليل. حلم رهيب استولى بقوة على تفكيري: كنت عاريا ربما، نظرت إلى يدي اليسرى، فرأيت عليها أثر جرح طازج يمتد مثل خيط من دم
أحمر، كأنما جرحني شوك حاد أو شفرة حلاقة، تتبعت خيط الجرح فإذا هو يمتد على طول يدي إلى كتفي، ألقيت نظرة على صدري وبطني، فرأيت خيوط دم أخرى، ثم لم ألبث أن اكتشفت أن جسدي موشوم كله بالجروح، عدت ببصري إلى يدي اليسرى أتأمل خيط الجرح بدمه الأحمر الطازج، فاكتشفت أن خيط الجرح أنبوب رقيق شفاف محمر له رأس صغير، التقطت الرأس بأصابعي، كان رأس دودة الطين، جذبت الرأس فانقلع جسد الدودة الطويل من لحم ساعدي، ألقيت بالدودة على الأرض، ورحت بتصميم ودأب أقتلع كل الدود الذي التصق بجسدي العاري وألقي به على الأرض والخوف مستبد بأعماق قلبي. حين استيقظت مرعوبا، كان الحلم طازجا ما يزال في رأسي، قلت في نفسي: الدود علامة الموت، واستعذت بالله من هذا النذير، وبقيت مستيقظا وقتا أغالب أرقي المشبع بالخوف. صباحا، ذهبت إلى المقهى، على رشفات قهوة سوداء استغرقت في قراءة رواية، عاودتني ذكرى الحلم، شابت الكآبة قراءتي، وأحسست برغبة في العودة إلى المنزل. في الطريق، هاتفني صديق غيبته المسافات منذ سنوات، لما تعرفت على هويته، قال لي إنه يحمل إلي خبرا مزلزلا، سألته: ياك لا باس؟ سألني بدوره: ألم تدخل بعد إلى الفايس؟ أجبت لا، فصب علي الخبر الصاعق: مات الزكري! لم أصدق، لم أرغب أن أصدق، أكد الخبر فدارت بي الدنيا، وأحسستني ضائعا تائها. استأنفت سياقة دراجتي النارية، لا أشعر بشيء مما حولي، صدمة مروعة وفراغ هائل يحتلانني، طفرت دموعي، وفي البيت انهرت باكيا، كيف يحدث هذا؟ عبد اللطيف الزكري الصديق العزيز على القلب، الذي حدثني هاتفيا قبل أيام يسألني إن كان كتابه المترجم حول الإبداع قد وصلني، الذي قال لي إنه أكمل تنقيح روايته، عبد اللطيف الذي... أواه! لقد غادرنا إلى الأبد. رحمة الله عليك أيها الباهي الحالم الجميل المبدع.