مستثمر أجنبي يجرّ الملياردير عثمان بنجلون إلى القضاء بسبب 20 مليارا!

مستثمر أجنبي يجرّ  الملياردير  عثمان بنجلون  إلى القضاء بسبب 20 مليارا! عثمان بنجلون، رئيس مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية
في الوقت الذي يشيع وسط رجال الأعمال والمستثمرين أن “رأس المال جبان”، فإن المستثمر السعودي عبد الله، استبدل هذه المقولة بالقول إن «رأس المال حكيم».. فبعد قيامه بدراسات معمقة في المغرب، من حيث استشرافه لإمكانات الربح مقارنة بالتكلفة، اختار استثمار ما مجموعه 3 ملايير درهم في عدة مشاريع عقارية على مستوى سلا الجديدة والصخيرات. ونظرا لارتفاع هذا الرأسمال، عمل على فتح خمسة حسابات بنكية لدى البنك المغربي للتجارة الخارجية، وبالضبط في إحدى الوكالات بتمارة، ثلاثة باسمه واثنان باسم شركة رياض القمة.. اليوم عوض أن يحفز هذا المستثمر غيره من الأجانب على الاستثمار بالمغرب، أصبح يواجه حصة تعذيب دائمة في المحكمة التجارية بالدار البيضاء، بعد أن اكتشف اختلاس مبالغ كبيرة من حساباته الخمسة، جعله مهددا بدخول السجن أمام مطالبة الممولين بديونهم.
القضية معروضة اليوم على أنظار القضاء والجلسة التي انعقدت خلال الأسبوع الثاني من شهر شتنبر 2019، ليست الأخيرة،  فما هي تفاصيل النازلة التي قد تهدد ثقة الناس في الأبناك؟
 
في خضم معاملاته التجارية اكتشف عبد الله أن أحد شيكاته الصادرة عن البنك المغربي للتجارة الخارجية رجع بدون أداء رغم توفره على أموال بالملايير في الحسابات الخمسة المفتوحة، وعند تقصيه للموضوع لدى وكالته اكتشف اختلاس مبالغ كبيرة من حساباته الخمسة من وكالة البنك بتمارة، وذلك بسوء نية وبدون علمه مما أضر بمصالحه المالية وجعله مهددا بدخول السجن أمام مطالبة الممولين بديونهم، وأنه ولاستجماع الوثائق المحاسباتية التي تتعلق بمعاملاته المالية مع البنك، راسل البنك من أجل مده بالوثائق التي تثبت العمليات المنشأة على حسابه، إلا أن البنك رفض وتعنت في تسليمه الوثائق، واكتفى بتسليمه كشوفات الحساب المتعلقة بحساباته الخمسة، وبعض الصور من أوامر التحويل لحساب بعض الأغيار.
وتنص مقتضيات المادة 491 من مدونة التجارة على ضرورة أن توجه المؤسسة البنكية للزبون كل ثلاثة أشهر على الأقل نسخة من كشوفاته الحسابية قصد إطلاعه على عملياته البنكية، وهو الأمر الذي لم يقم به البنك بشكل منتظم، حيث كان يسلمه كشف حساب داخلي يحمل ختمه مخالفا تماما للكشوفات الحسابية التي تسلمها لاحقا. وبعد مراجعته الكشوفات الحسابية المسلمة له وبعد قيامه بخبرة قضائية من طرف خبير مختص في المجال البنكي، اكتشف مجموعة من الاختلالات على حساباته منذ أكتوبر 2014، حيث تم وضع مبالغ مالية كبيرة رهن إشارة أشخاص لا تربطهم أية علاقة بعبد الله، كما تم سحب وتحويل مبالغ أكبر نقدا دون إذن صاحب الحساب البنكي. وفي واحد من الحسابات البنكية، تم سحب أكثر من 49 مليون درهم، ومن الحساب الثاني وصل المبلغ المختلس من هذا الحساب أكثر من 66 مليون درهم، والحساب الثالث أكثر من 39 مليون درهم، حيث بلغ مجموع المبالغ المختلسة من حسابات المستثمر السعودي أكثر من 200 مليون درهم!
راسل عبد الله البنك المغربي للتجارة الخارجية من أجل تسوية النزاع وديا، كما تم عقد مجموعة من اللقاءات مع البنك بمقره الاجتماعي بالدار البيضاء بحضور دفاعهما لكن بدون جدوى، خاصة وأن هذه الاختلاسات، حسب مذكرة دفاع المستثمر السعودي ثابتة بإقرار كتابي واضح ومختوم وموقع عليه من طرف الرئيس المدير العام للبنك المغربي للتجارة الخارجية عثمان بن جلون في ماي 2017، والموجهة إلى سفارة المملكة السعودية بالرباط في شخص السفير عبد العزيز محيي الدين خوجة، وأن تقصير البنك في تنفيذ بنود العلاقة التعاقدية في إطار عقد الوديعة ثابت من خلال إسناده لمهمة الإشراف على الحسابات البنكية للزبائن لمدير وكالة غير مسؤول، إذ أن هذا الأخير قام عمدا باختلاسات مالية من الحسابات أعلاه دون أدنى مراقبة أو متابعة من طرف البنك، ومدير الوكالة الذي يسمى ميلود يوجد في حالة فرار بإقرار من البنك نفسه، بعد أن تقدم هذا الأخير بشكاية في مواجهته وهو موضوع مذكرة بحث دولية، وأن البنك ملزم بالحفاظ على الأمانة والوديعة بموجب عقد إيداع نقود طبقا للمادة 509 من مدونة التجارة، والفصل 781 من قانون الالتزامات والعقود، وأن البنك يقع عليه عبء إثبات أنه قام بتنفيذ التزاماته المالية طبقا للمادة 510 من مدونة التجارة. وحسب مذكرة الدفاع فهذه الاختلاسات ناتجة عن الإهمال والتقصير من طرف البنك، وهذا يشكل خرقا لمدونة التجارة وللقانون البنكي الذي يلزم في المادة 84 منه المؤسسات البنكية التقيد بواجب اليقظة في ما يتعلق بكل عملية يكون الداعي الاقتصادي إليها غير واضح. وقد التمس المستثمر السعودي من المحكمة التجارية بالدارالبيضاء الحكم له بتعويض مسبق قدره 5 ملايين درهم، مدليا بكل الوثائق التي يعتبرها تثبت وقوع جريمة الاختلاس.
كما أدلى دفاع المدعي في مذكرة لاحقة بملتمس الطعن بالزور الفرعي، مستعرضا فيها أن موكله يطعن بالزور الفرعي في كافة التحويلات البنكية المنجزة، مشددا على أن مدير الوكالة البنكية لتمارة استغل منصبه في استصدار شيكات مزورة في اسم موكله، وأن مسؤولية البنك عن أعمال مستخدميه تبقى ثابتة، خاصة أنه في إحدى العمليات تم تدوين ورقة بسحب مبالغ مالية فاقت 6 ملايين درهم في يوم واحد دون أن ينتبه لذلك أي طرف، كما أدلى الدفاع بخبرة خطية منجزة في إطار ملف جنحي متابع بمقتضاه أحد المستفيدين من شيك بمبلغ 13 مليون درهم، والذي أكد أنه توصل به من طرف مدير الوكالة الفار.
بالمقابل ومن خلال المذكرة الجوابية التي تقدم بها دفاع البنك المغربي للتجارة الخارجية، فقد اعتبر أن العمليات البنكية هي في طبيعتها عمليات تجارية طبقا للفقرة 7 من المادة 6 من مدونة التجارة، وأن الأعمال التجارية تتقادم بمرور خمس سنوات طبقا للمادة 5 من مدونة التجارة، وأن من شروط صحة الدعوى أن تقدم داخل الآجال القانونية مما تكون معه الدعوى قد سقطت طبقا للفصل 371 من قانون الالتزامات والعقود، وأن إدلاء المدعي بكشوف الحساب المرفقة بالمقال يثبت أنه توصل بها بصفة نظامية، وأنه بالاطلاع على صور هذه الكشوفات يتبين ان المبالغ المشار إليها في المقال الافتتاحي، لا وجود لها في الكشوفات الحسابية المدلى بها من قبل المدعي،  معتبرا أن المستثمر السعودي أدلى بحجج ليس فيها ما يثبت مزاعمه، معتبرا أن المدعي لم يثبت للمحكمة الوثيقة التي تؤكد إيداعه ما يعتبره مبلغا مختلسا، وكذا الوثيقة التي تثبت اختلاس هذا المبلغ، ملتمسا الحكم أساسا بعدم قبول الطلب شكلا، واحتياطيا الحكم برفضه، مرفقا مذكرته بصورة من أمر بالتحويل، وصور لثلاث شيكات.
منذ غشت 2017، تاريخ وضع المقال، إلى شتنبر 2019، نظرت المحكمة التجارية بالدار البيضاء في هذه القضية لأكثر من 40 جلسة، جلها كان قرار التأخير هو المسيطر، بدءا من تسجيل المقال إلى استكمال البحث وإدراجه بجلسة البحث، مرورا بتغيير القاضي/ المستشار المقرر/المكلف، وتعيين آخر، وإجراء خبرة محاسباتية، خلصت إلى أن المدعي يتوفر على خمس حسابات وحساب واحد لم تسجل به أية عملية، وأن الحسابات الأربعة الباقية عرفت تسجيل عمليات مهمة بالدائنية والمدينية بناء على أوامر بالتحويل موقعة وتوصيلات سحب النقود موقعة من طرف المدعي على لسان دفاعه، وأن الغير استفاد من التحويلات وقام بعضهم بتحويل مبالغ مهمة من حساباتهم على حسابات المدعي، كما أن المدعي لم يراقب عملياته ولا يتوفر على دفاتر محاسبية، كما أن البنك المغربي للتجارة الخارجية كان يقوم بتمرير عمليات بدون سند  لفائدة المدعي، ويبقى الطرف المدعي محقا في استرجاع المبالغ المسحوبة نقدا من حساباته بناء على توصيلات سحب نقود غير موقعة أو غير موجودة أصلا بمجموع 3.223.950,00 درهم في نونبر 2015.
من خلال كل هذه الحيثيات حكمت المحكمة بجلستها العلنية تمهيديا وحضوريا بإجراء بحث في القضية بحضور النيابة العامة لتطبيق مسطرة الزور الفرعي على الأوامر بالتحويل وتوصيلات سحب النقود المشار إليها في تقرير الخبير النعماني، مع إشعار دفاع البنك المدعى عليه للإدلاء بأصول الوثائق المطعون فيها.