عبد الالاه حبيبي: الرهاب المغربي

عبد الالاه حبيبي: الرهاب المغربي عبد الالاه حبيبي
« marocophobie »
هناك ناس يحقدون بشكل مرضي على كل ماهو مغربي، ماهو أصيل، ماهو ذاتي هوياتي، ما بإمكانه الرفع من مشاعر الاعتداد بالنفس لدى التلاميذ، ما قد يساعدهم على فهم أنفسهم وفهم العالم حولهم، واكتشاف عمق تاريخهم وثبات جذورهم في تربة وطنهم..المرض المزمن يتكرر بشكل فج كلما تسللت الأمازيغية من خلف البرامج التعليمية لتلتمس لها حيزا على سبورة المدرسة الحاملة لنعت "وطنية"، لكن سرعان ما تلتفت نحوها الأعناق وتجحظ العيون حتى تكاد تغادر محاجرها، وتتفتق عبقرية المكر من لدن الأكثر خبثا لتصريفها من النافذة ودعوتها لمتابعة السير رفقة الرعاة والأغنام وتسلق الجبال، كراهية الذات عرض لعلة قبيحة جدا، سببها عميق يرتبط بالاحتفال بالأجنبي، بترقيته إلى كائن غير عادي، بمنحه مكانة السيد والعارف بشؤون أهل البلد، بل بدعوته لأن يتقلد مسؤولية تدبير مصير أهل البلد، مرض لا زال يستشري في دماء الكثير من هؤلاء المفتونين بالألسن الأجنبية حتى باتوا يتسابقون لشرائها بالمال الكثير من لدن دكانين تجارية تسمي نفسها بعثات ثقافية، حيث حالما يشرع أبناؤهم في لوك لغات الإفرنج حتى ترتسم على وجوههم الباهتة بسمة الانتشاء والفرح العظيم، لكن لغات البلد مكانها النفايات والكنس البيداغوجي تحت شعارات قوية جدا... لا ينبغي أن نفاجأ حينما يشد الشباب الرحال للقاء هذا الأجنبي، للتبرك بوسامته، للسلام عليه، للعيش بالقرب منه، خادما له، جاعلا ذكاءه وعضلاته رهن إشارته، حتى أصحاب العقول اليقظة والمتفوقة لا يعودون عندما ينهون مشوارهم الدراسي في مدارس المهندسين عند النصارى، يفضلون الحياة هناك، الأجر المرتفع، الحرية، البعد عن الرقابة الاجتماعية والدينية التي فيها نشؤوا وتعلموا "هويات عابرة"... من شأن هذا الوباء الإيديولوجي أن يجفف الأرض من كل مشاعر حب الذات والوطن والتاريخ والنفس، إنه من اللغط الذي استوطن نفوسا كثيرة، وجرفها دون رجعة نحو حدائقه المزيفة، واصفا لها قلاعها وحصونها واسوراها وجبالها ومدنها وقراها بالخراب والتخلف والبدائية، في ظل هكذا استلاب كيف سيكون مستقبل هذا البلد ونحن نرضع أطفاله عشق أوطان متخيلة، وهويات مفبركة، وحضارات عبارة عن نصوص ملقنة تلقينا لأنها غير مشتقة من روح البلد، ونسائم أهله وطباعهم ولغاتهم، حينما تنقرض هذه الأصوات الأصيلة ستنقرض معها الغابات والأنهار والحقول والوحيش والأعراس وطقوس الميلاد والوفاة والزواج ...