مصطفى المنوزي : هل قطعنا مع مظاهر الاستبداد في ظل انتقال معاق ؟

مصطفى المنوزي : هل قطعنا مع مظاهر الاستبداد في ظل انتقال معاق ؟ مصطفى المنوزي
( إلى روح الشهداء وعقل  الشرفاء  في ذكرى المختطفين)
بالنسبة لنا، الكرامة تعني  تمكين  المواطنات والمواطنين من حقهم في العدالة، قلنا المواطنين والمواطنات ولم نقل الناس والرعايا، لأننا لم نعد « نستجدي » العدالة  كمفهوم  للإنصاف فقط، وهو مطلب الإنسان كإنسان، بل صرنا نقتضي ونستدعي العدالة  كمفهوم للإعتراف، بالإنسان مواطنا، لأنه من شروط صحة التعاقد الدستوري، الإعتراف الإجتماعي كمفهوم جديد للعدل، فعندما نقدم وجهة نظرنا حول ما يجري على اعتبار أننا معنيون، كمناضلين منتمين فكريا وسياسيا  إلى الصف الدمقراطي، يقاربون  المعطيات والوقائع  حقوقيا  وقانونيا وسياسيا، في توليفة تتناغم مع الروح النقدية التي تحكم تعاقدنا مع كل أنوية مشاريع لها موقع، افتراضا، في الفضاء العمومي، معنيون بجدية ومسؤولية بالتعامل الايجابي مع كل الوقائع والانشطة التي تحصل توازيا أو على هامش مسارنا اليومي ورسالتنا الاستراتيجية، والتفاعل بروح التثمين او النقد، بكل موضوعية ممكنة، ولا نخاف في ذلك لومة لائم  او تخوين وتكفير لئيم، وذلك اقتناعا منا أن تضحياتنا من أجل تحرير الوطن وارساء لبنات الدمقراطية، لا تقل حجما وقيمة عن تضحيات باقي الوطنيين وغيرهم ، من هنا يمكن أن نقدر ردود الفعل التي تروم الإقناع  بالتعليل وليس القمع  أو الإرهاب الفكري بالتبرير أو التخوين ؛ وهذا يتطلب منا أن نكرر على مسامع الجميع : " انه على بعض الاغبياء المتجاهلين والطرشان استيعاب معنى النضال المستميت من أجل القطيعة مع الماضي وجدوى اقرار ضمانات عدم التكرار.
إن عقيدتنا المبدئية راسخة ومقاربتنا  للأوضاع ، حتى لو كانت تكتيكية، لا تشذ عن النسق والمبادئ المعمدة بالدم الوطني والمحفوفة بظلال وأرواح الشهداء والشهيدات، فلسنا مناضلين تحت الطلب ولا نزاول شعبوية كسلوك لجبر خواطر بعض " مناضلي " الصدفة او الحالات النضالية العابرة غير المتجذرة، ولسنا ممن يحول عمليات التضامن جسورا للاسترزاق أوالركوب على  الموجات، معركتنا ضد منظومة الاستبداد مستمرة، ليس فقط لأنه بيننا  وبين النظام  جثامين  الشهداء ( شهداء العائلة والوطن )  بل ايضا لأنه اخترنا عن وعي وطواعية وحرية اختيار استراتيجية النضال الدمقراطي، نهجا وممارسة، ومقاربتنا تعتبر الزمن السياسي  مجرد  حلقة  في  سلسلة الزمن الاجتماعي،  ومن خلال هذا الانتماء  نخوض الصراع  ضد المنظومة السياسية  بسلمية  ممكنة  وفي ظل التشريعات  المتاحة  بروح نقدية، صحيح أننا نميز بين العهدين، لأنه لا تماثل بين البشر، غير أن العهد المحمدي  خيب  الأمل  ونكث  الالتزامات،  فلا  مفهوم جديد  للعدل وبالأحرى للسلطة، ولا مسؤولية اجتماعية  وبالأحرى  التنمية ، وعوض الاستمرار في نحث خطاب التحديث والحداثة، تم تفويض مهمة  تكريس التقليدانية لحكومات يمينية، لا يهمها  في  الشق الحقوقي  الا ما يكرس  الخصوصية  المحافظة  بغلاف أخلاقي او بنفحة دينية  ضيقة، وبذلك علقنا مطلب الحقيقة والانصاف  وبالأحرى اللحظة الدمقراطية ؛ و أحيانا  تراودنا  فكرة وهي أن لا نثور على الحاكم حتى نتفق معه على طريقة تسليم السلط ،خاصة في زمن نشطت فيه عملية الركوب وقرصنة المجهود ، لكن من احترام ذاكرتنا الجماعية نسترجع  أنها الفكرة يائسة، فقد  جربها أسلافنا  دون جدوى، وتركونا  ضحايا  تسوياتهم، وموضوع  تبخيس  وتحقير لاختياراتهم الاصلاحية، رغم أن الإصلاح  أصعب من الثورة او الانقلاب، وتلك  قصة أعقد وأغرب من الخيال  السياسي في العلاقة مع التحول المعاق.