نقابيون أطباء: هذه حقيقة تصنيف المنظومة الصحية المغربية "الأسوأ على الإطلاق بالعالم"

نقابيون أطباء: هذه حقيقة تصنيف المنظومة الصحية المغربية "الأسوأ على الإطلاق بالعالم" أنس الدكالي وزير الصحة ومشهد من داخل مستشفى

خلف التقرير الدولي الأخير حول المنظومة الصحية المغربية، الذي اعتبر أنها "الأسوأ على الإطلاق في العالم"، العديد من ردود الفعل المنتقدة عموما للتدبير الحكومي لملف صحة المغاربة.

 

وقد أثار هذا التصنيف حفيظة فاعلين مهنيين وسياسيين، استجوبتهم "أنفاس بريس"، حيث صرح الدكتور عماد سوسو، المنسق الجهوي للأطباء (UMT) بجهة مراكش آسفي، معلقا على التقرير بالقول: "ترتيب المغرب المتدني في قطاع الصحة أمر متوقع؛ فلا يمكننا حجب الشمس بالغربال وبالرتوشات والقرارات الارتجالية... الصحة بمفهومها الشامل لا تشمل فقط المنظومة العلاجية، بل أيضا البنيات التحتية من ماء صالح للشرب وقنوات الصرف الصحي والتغذية وفك العزلة عن المناطق النائية وشبكة الطرق ورفع مستوى وعي المواطن، مؤشرات التنمية...الخ. وكل هذه النقاط يعرف المغرب فيها تراجعات كبيرة... أما المنظومة العلاجية التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من المنظومة الصحية، فهي تعاني من قلة الموارد البشرية، العجز المالي الكبير الذي تعرفه المستشفيات بسبب ضعف تمويل الراميد، غياب استراتيجية واضحة للنهوض بقطاع الصحة وتطوير العرض الصحي، حيث تتغير السياسات بتغير الوزراء، زد على ذلك أن تدبير التعيينات في مناصب المسؤولية بالقطاع يخضع لمنطق الموالاة الحزبية عوض الكفاءات. ناهيك عن الإفلاس الذي يعرفه القطاع العام بسبب غياب ابسط التجهيزات والتحفيزات مما دفع بالأطر الصحية للاستقالة، ثم الهجرة... كذلك سياسة الخصخصة المتوحشة التي يعرفها القطاع والتي تسببت في نزيف حاد في الاطر الصحية. كل هذه العوامل تسببت في إفلاس القطاع وتموقع المغرب في ذيل الترتيب العالمي في كافة التقارير الدولية".

 

أما المهندس مولاي رشيد الماحي، المنسق اللجنة الوطنية لمهندسي وزارة الصحة، فعبر قائلا: "هناك مجهودات تبذل لتحسين العرض الصحي الوطني، لكن تبقى غير كافية لتجاوز الوضع الصحي الكارثي الذي يعيشه المواطن في رحلته الشاقة للبحث عن العلاج. فاللجنة الوطنية لمهندسي وزارة الصحة، دقت ناقوس الخطر واعتبرت ورش إصلاح الصحة أولوية وطنية وليست فقط مسؤولية الوزارة الوصية أو حتى الحكومة، بل مسؤولية السياسيين بجميع مشاربهم والاقتصاديين وجميع الغيورين على مصلحة هذا الوطن... والمهندسون الاستشفائيون طالبوا دائما بإعادة النظر في الطريقة التقليدية لتسيير المستشفيات والمشاريع الصحية باعتماد التكنولوجيات الحديثة وتطوير نظم تأمين فعالة، وكذلك انكباب جميع المتدخلين لإيجاد حلول للرفع من الاعتمادات المخصصة للصحة..."

ويضيف المهندس في وزارة الصحة أن "اللجنة الوطنية لمهندسي الصحة كانت سباقة لدعوة الوزارة الوصية إلى بلورة نموذج عملي واضح ومقنن لاشتغال القطاعين الخاص والعام لعرض صحي متكامل ومتناغم، بعيدا عن أساليب الريع الذي فتحت الباب لظهور لوبيات الفساد وأفقدت المواطن الثقة في منظومته الصحية".

 

من جهته قال رضوان برادة، المستشار بمجلس مقاطعة مراكش المدينة "إن إصلاح منظومة الصحة وتدبيرها لا يجب أن يتم على الدوام وبالكامل مركزيا"؛ متسائلا في هذا الصدد عن دور المجالس المحلية المنتخبة في هذا الباب، ومنتقدا التغييب الكلي لهذا الملف من اهتمامات هذه المجالس.. ومطالبا "باستدعاء مندوب وزارة الصحة بمراكش لاجتماعات المجلس للجواب على العديد من الملفات الصحية".

 

أما الدكتور مولاي عبد الله العلوي المنتظر، الكاتب العام للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، فأبدى لـ "أنفاس بريس" تشكيكه في ترتيب المغرب خلف دول كالبنغلاديش والعراق وفنزويلا، وتحفظه على عدم شمول التقرير لكل دول العالم واقتصاره على أقل من النصف"؛ معتبرا "أن الأزمة التي يعيشها القطاع الصحي ببلادنا، ونبهت لها النقابة المستقلة غير ما مرة، ثابتة ويقر بها الجميع، وهو بعض ما ورد في التقرير، مثل غياب الحس الوقائي واقتصار الأمر لدى حكومتنا على شعارات بمنطق الحملة"، منتقدا "ضعف الموارد البشرية وغياب التحفيز المادي لأطباء القطاع العمومي".

 

الدكتور باشديني عبد المنعم، الكاتب الجهوي لمكتب الأطباء للفدرالية الديموقراطية للشغل بجهة مراكش آسفي، تحفظ بدوره على ترتيب المغرب خلف دول كبنغلاديش والعراق، قائلا: "استنادا الى منهجية التقرير المذكور الذي يرتكز أساسا على الظروف البيئية المرتبطة بالمستوى المعيشي للأفراد وسياسات الحكومات لتقديم رعاية صحية لمواطنيها مع تقديم خدمات طبية موازية للتطور العلمي، جاء التقرير صادما رغم التحفظ على درجة التصنيف"؛ قبل أن يواصل بأن "تدهور القطاع الصحي جاء نتيجة تراكمات سلبية لعشرات السنين تميزت بغياب سياسة صحية استشرافية واضحة المعالم على المدى المتوسط والبعيد أدى إلى فشل الإجراءات الترقيعية ذات البعد الآني، مما أدى إلى توسيع الفجوة بين جهات المملكة على مستوى الخدمات الصحية".

 كما أن المنظومة الصحية، يؤكد باشديني، "تعاني من غياب سياسة تشاركية بين القطاع العام والخاص الغير المهيكل، لذا فغالبية المواطنين تلجأ إلى مؤسسات القطاع العام التي تعاني جلها من تآكل البنية التحتية وضعف في التجهيز، وأحيانا من سوء في التسيير، بالإضافة إلى غياب حكامة جيدة."