ترك وطنه على عجالة وكان هناك شخص يطارد ظله
كان منهكا، رغم أنه لم ينجح في أي شيء مما قام به
ذهب إلى الصحراء لعله تلحق به أحلامه المزركشة بألوان قوس قزح
وهكذا ستذوب كل افكاره مثل الثلج تحت لهيب الشمس
اندثرت أحلامه كلها كحبات الرمال وسط البشاعة القاحلة
لم يكن يدرك آنذاك أن الوحدة ليست هي الأنسب اليه
لم تكن هناك لا حفلة، لا وليمة
لا شيء على الإطلاق يذكر من بهجة الحياة
فلماذا غادر بلده الذي كان يعيش فيه في نعيم
والآن ما العمل بعد كل هذا الألم
هل عليه أن يرجع إلى حيث تنتظره المفاجأة
هل يغير رأيه من أجل أحلام يائسة؟
ها هو قد أتى إلى بلدته فارغ الوفاض لكنه غني بالآمال
لقد واعد نفسه أن يعود إلى وطنه بكل ما أغدقت عليه الحياة من حكمة؟
ألم يغص في غسق الأعماق
ألم يجلب بشباكه كل الحقائق على شكل لآلئ؟
ألم يتخلص من كل شيء تعلمه حتى كاد أن يصبح جاهلا مجددا؟
هكذا سيمعن في السقوط بيديه
لذا قرر أن ينهي الأمر بجرة قلم
لكنه عندما عاد لم يجد أي شخص يسانده
وكيف سيتم التعرف عليه إذا لم يعد كما كان بألبته
"لقد غادر وجعبته مليئة بالمعرفة ثم عاد كما ولد غني بما يفتقر إليه الاخرون
لم يكن لديه شيء يصرح به سوى الصمت؟
هل لا يزال كما كان يخاف من عذاب الله الذي خلقه؟
ها هو يخطو نحو المجهول كراقص
يتأمل بعيون صافية كالكريستال، وشفتيه المتشمرتين؟
هو الدي استيقظ من سباته لا يزال يعظم الليل ويرى بأم عينيه وسط أظلم من الظلام؟
هو الذي عاش في عزلته البرية، لا يزال يحب المدينة، ويمد يده إلى الفراغ
يحن الآن إلى الصحراء ويتغنى بأناشيدها بكل عفوية
لكن هنا الناس تأخذ الحذر من أي شخص يريد العودة إلى نقطة الانطلاق
يأخذون الحذر من كل شخص يريد أن يضع قدمه مرة أخرى، حيث ترك آثارا انتقامية
لم يكن يرغب في أن يرى بلده يتحول إلى تحفة تباع في المزاد
هو الذي كان يرغب في أن تتغير كل الأشياء إلى أحسن
ها هو يخطو الآن نحو المجهول بعدما غرق عميقا في العزلة؟
هل فعل كل ذلك لمجرد أنه يحب وطنه حثى الثمالة؟
أم أنه تقرب إلى الله حتى نسي نفسه وكل من كان حوله؟
إلى هده الدرجة أو هل أضحى الإنسان بالنسبة له بغيضا
فعلى كل لقد جاء ومعه هدية
يبتسم وبداخله يشعر بالوقار للرجال الذين حفظوا أغنيته عن ظهر قلب
لكن هم الدين توقعوا منه أن يخفف عنهم الحمل الزائد وجدوه يضيف بعض الأشياء
يكلمهم وكأن لا شيء سيكون أفضل مما كان عليه
لا شيء سيتغير وبسهولة
فأي بادرة خيرية سيمنحهم
تلك التي ستناسبهم بشكل أفضل
كان يدرك أن من جاء من أجل الصحوة لديه الكثير ما يفعله من أجل الغير
وإن كان فقيرا فثروته أكبر من كنوز الدنيا
فحتى جبال الهمالايا لا تساوي بالنسبة إليه إلا وزن حبة خردل خطواته تبدو الآن غريبة جدا وهو يتمشى وسط المدينة المهجورة
هذا هو السؤال الذي كان يؤرقه "فمن جاء بالقسطاس"
أليس هو بكل بساطة النبي صلى الله عليه وسلم
أما هو فلقد أتى بالياء والنون المستديرة فقط
هو الذي يخاف أن يأتي بكل ذلك فيسلب منه عشقه أو حتى ظله
هو الذي غلب على أمره حتى استسلم ولم يعد يقاوم
لقد تذكر الآن العرافة التي حذرته فنصحته بالعودة إلى صحرائه
هنا في المدينة كانت تقول لا توجد أي شجرة تستحق أن تعشق مثل النخلة
عليه إذا أن يذهب إلى واحة نخيل حيث تسبح كل نخلة لله "تعالى" وتشكر "نعمه"
عليه أن يعود هناك حيث يعتكف وستبدو له آنذاك الحياة أجمل
نظر إليها وهي تتلعثم ثم ابتسم
لقد جاء ليعلمهم الحكمة الجديدة التي سترفع الحجاب عن
الحقيقة التي ستهدم الأصنام القديمة
لقد جاء ليكسر الحلقة المفرغة التي جعلتهم يؤمنون ولا يصدقون
يمزجون الصلاة بالتفكر في أمور الدنيا فلا يتقنون لا صلاتهم ولا أمور الدنيا
يشككون في أشياء لا غبار عليها فيعتنقون أفكارا تنتمي إلى عصور بائدة
ينسون لماذا بعثوا إلى هذه الحياة، ولماذا سيعادون إلى الأخرى...