المانوزي:في نقد نظرية الصقور والحمائم وتعددية المقاربات

المانوزي:في نقد نظرية الصقور والحمائم  وتعددية المقاربات مصطفى المانوزي
 
بعد تركيز خطاب الجلوس (30 يوليوز ) على أهمية العناية بالبعد الاجتماعي وما يشترطه من تكثيف للمسؤولية الاجتماعية لدى الدولة ومعها المقاولة وتأهيل  القدرات وتجديد النخب والكفاءات ؛ حان الوقت لكي يتم الاهتمام، بمقتضى خطاب المقاومة والتحرر الوطني (20 غشت )، بالمسألة الأمنية وتعميمها بدل تأميم احتكارها، فلا حكامة اجتماعية دون حكامة أمنية ، والعكس صحيح؛ غير أنه يفترض أن الأمر ليس بالسهل مادام يتجاوز سؤال توزيع الثروة إلى سؤال اقتسام القوة العمومية، في افق دمقرطة تدبيرها، وهنا وجبت الإشارة إلى  أن العلوم الأمنية علوم غير حقة، ويفترض فيها تعدد المقاربات، بين إعتدال وتطرف، وعدم تطابقها وعدم تماثل مهندسيها! 
صحيح أن نظرية الصقور والحمائم نسبية، وأن مفعولها البداغوجي، عفوا  الديماغوجي، لا يروم سوى التمييز الشكلي بين مقاربات أمنية لا تختلف في الجوهر، ولكن يبقى، رغم كل شيء، شرط استحضار  التمايز بين  وقع  كل مقاربة عند كل تعامل أو حوار  أو خطاب ضروريا ، فالإعتدال  ولو شكلانيا  اقرب إلى تحقيق  مطلب الحكامة وبلوغ هدف التدبير السلمي، أما تطرف ومغالاة بعض المقاربات لا يساعد إلا على اتساع الهوة وتكريس منطق الدولة المخيفة عوض الدولة  القوية، من هنا فالإصرار على استبعاد  التمييز  بين المقاربات  حسب الموقع  والاجهزة والخلفيات والمرجعيات، قرينة على  جدوى  إحداث المجلس الأعلى للأمن  الذي يفترض فيه تنسيق  التصورات والمقاربات والسياسية العمومية في مجال الأمن لفائدة التفاعل الإيجابي المتبادل، فليس مطلوبا  التطابق  أو  الانسجام المطلق، بل  تناغم  لن يتحقق  بالنفي المطلق بوجود اختلاف  في  الرأي والموقف ، وإلا  ما  جدوى  تعدد  وتنوع الإجهزة، وما غاية الرقابة  البرلمانية  والقضائية على السلوكات والسياسات الأمنية، حيث يفترض التمييز بين خطأ المؤسسة الأمنية المرفقي وبين خطأ الفاعل الأمني الشخصي، في  ظل استشراء  ظاهرة " الأمر  بالمعروف  والنهي  عن المنكر " التي تستعمل " الغيرة " الدينية  لتكريس نظام  الحسبة  وازدراء الأمن الروحي وبالتواتر  يعتدى  على استقلال العدالة وينتهك  الأمن القضائي ؟