أمين لقمان : دلالات خطاب العرش... وأسئلته المعلقة

أمين لقمان : دلالات خطاب العرش... وأسئلته المعلقة أمين لقمان
خطاب العرش لهاته السنة يطرح عدة أسئلة مرتبطة بتصور الملك للخروج من الأزمة البنيوية التي يعيشها المغرب، وهي رؤية تتغيا ما عبر عنه الخطاب الملكي بالتحول الجوهري الذي سيطال مؤسسات الدولة، وإداراتها والهيئات السياسية في اتجاه خلق نخب جديدة ستضطلع بدور تنزيل المخططات القطاعية والسياسات العمومية والتنموية الجديدة ، التي ستنبثق عن خلاصات وتوصيات لجنة ستؤسس وتشتغل لهذا الغرض..
وأبرز هاته الأسئلة، دعوة رئيس الحكومة إلى اقتراح تصور لتجديد أزيد من ثلثي أعضاء الحكومة، لفشلهم ولعدم كفائتهم... حيث اقتصر الاستثناء على البعض فقط، ومفهوم البعض لغة واصطلاحا قلة قليلة في مقابل الأعم والغالبية المطلقة، ولذلك يبدو أن القرار الأصلي لأعلى سلطة بالبلاد هو إقالة الحكومة مع بعض التحسينات التي تفرضها توازنات اللحظة... وقرار إقالتها المدثر سبقته إقالة أدبية بالانتقاد الموجه للحكومة وللطبقة السياسية وللإدارة وفشل المخططات التنموية وهو ما عبر عنه أيضا والي بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط وأكدته التقارير الدولية على ضوء مؤشرات التنمية.
إن إقالة الملك لحكومة العدالة والتنمية واضح رغم استعمال الملك لنوع من " الصواب " في التعامل مع هاته الإقالة، وذلك جلي أيضا من خلال استثنائها من الإشراف عن صياغة معالم النموذج التنموي المنشود، والذي ستتكفل به لجنة مستقلة عن الحكومة..
لقد تعددت الإقالات والتعديلات دون أثر يذكر، وصارت الحكومة مثل عجلات بالية مليئة بالرقع والثقوب لا تقوى على السير و حمل الأعباء المنوطة بها، ويعتبر خطاب العرش بمثابة إقالة رمزية وقتل رحيم لها في انتظار بلوغ المحطة الأخيرة في 2021.
ومن بين الأسئلة الأساسية التي يطرحها تصور الملك هو ماهية المضمون المؤطر ، والآليات الإجرائية التي بموجبها سيتم ضخ دم جديد وتجديد النخب على مستوى الأحزاب والجماعات الترابية والإدارة و الحكومة وغيرها من المؤسسات..
ـ ما مفهوم الكفاءات؟
ـ هل يقصد به التكنوقراط؟
ـ من أين سيجلب رئيس الحكومة الكفاءات وقد لعب بأجود لاعبيه؟! وما هي معاييرها؟
ـ هل سنعيش مرحلة انتقالية بحكومة كفاءات؟
ـ ما هي الآليات التي ستجدد بها الدولة بنياتها الإدارية و نخبها الفاشلة؟
ـ كيف سيتأتى للأحزاب السياسية أن تجدد نخبها الفاسدة وهي التي تشتغل تحت رحمة ودعم الدولة؟
ـ ما هي المبادئ العامة التي سترافق عملية التحول الجوهري هذا لكي لا نقع في تعويض زيد بعمرو؟!
ـ ما دور السلطة القضائية في هذا التحول وما مدى تفعيل مقتضيات الدستور فيما يخص ربط المسؤولية بالمحاسبة؟
ـ ما دور وما رأي المجتمع وقواه الحية في صناعة القرارات والسياسات البديلة..؟
ـ ما هي آليات تأسيس لجنة النموذج التنموي المنشود؟
ـ هل يجوز مشاركة المسؤولين عن الفشل في صياغة التصور البديل؟
ـ هل يجوز الحديث عن نموذج تنموي جديد دون فلسفة سياسية جديدة تقطع مع أساليب الماضي المسببة للفشل؟
ـ هل نجزئ التنمية إلى كل ما يتعلق بالاقتصاد دون الخوض في خلفياتها وأسسها السياسية؟
ـ كيف يمكن بناء نموذج تنموي جديد بمؤسسات منتخبة فاسدة ومشلولة؟
ـ ما السند الدستوري والقانوني الذي سيضفي الشرعية على كذا قرارات؟
ـ ما هي الكتلة المجتمعية المعبأة التي ستسند وتدعم كل تحريف أو مواجهة لكذا قرارات تمس وضع ومصالح الفئات الفاسدة ؟
والسؤال المركزي هو :
ـ هل يتعلق الأمر بمسؤولية تاريخية جادة لجهاز الحكم في الانتقال بالمغرب وإنقاذه أم أن الأمر لا يعدو كونه مهدئات "دوليبران" و جعجعة بلا طحين كما يقال؟!
إن هاته الأسئلة وغيرها ... خطوات مشروعة ومهمة لفهم الإشكالات ولوضع القطار بشكل صحيح فوق سكته، وأول هاته الخطوات هو صياغة للمبادئ العامة التي ستؤطر هاته المقترحات الجديدة وعمل أي لجنة أو جهة كيفما كانت، وطبعا هاته المبادئ لن تخرج عن إطار بناء الدولة الوطنية الديمقراطية والقطع الصارم مع الفساد الذي يتبدد معه الجهد والوقت والمال العام.... وفتح صفحة جديدة بقوانين جديدة تؤطر العمل الحزبي والانتخابات والانفتاح على الشباب والأطر والمثقفين المغاربة في الداخل والخارج....و إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والاستجابة للمطالب الاجتماعية الحيوية لعموم المغاربة، ومنع التدخل في شؤون الأحزاب والمجتمع المدني والإعلام وإعادة الثقة في العمل السياسي لدى أغلب المغاربة، والقطع مع التزوير وثقافة الأعيان والتجييش المصطنع ورفع الحصار عن القوى التقدمية وآرائها في مختلف المجالات..
ـ الأستاذ أمين لقمان، فاعل سياسي.