خطاب عيد العرش: وضوح، موضوعية نحو جيل جديد من الكفاءات

خطاب عيد العرش: وضوح، موضوعية نحو جيل جديد من الكفاءات
خطاب عيد العرش لهذه السنة الذي حظي باهتمام كبير من طرف المتتبعين، وعموم المواطنين لارتباطه بالذكرى العشرين لتربع محمد السادس على العرش؛ وهي مدة جعلت الجميع ينتظر هذا الخطاب بالكثير من التطلع نحو المستقبل بعد قراءة الماضي.
خطاب الملك افتتحه بالتذكير بثوابت المغرب التي حظيت بإجماع وطني، حيث انضافت إليها الخيار الديموقراطي الذي أصبح جزءا من ثوابت الوطن والدولة كخيار استراتيجي لا رجعة فيه، إلى جانب الخيار التنموي مؤكدا على ضرورة استكمال الإصلاح وتقويم مختلف الاختلالات الاجتماعية وفي الحكامة وهي كلها عناصر أدت إلى استنفاد المشروع التنموي لمهامه خاصة وأن هناك إجماع كون الثروة لم يستفد منها جل المغاربة، وأن ما تحقق من منجزات التي عددها الخطاب الملكي لم يلمس نتائجها مختلف الشرائح الاجتماعية خاصة منها الطبقة المتوسطة التي تعتبر في جل البلدان هي صمام الأمان والقادرة إلى إحداث التغيير المنشود سياسيا، واجتماعيا.
منذ السنة الماضية؛ حيث طرح فيها الملك في خطاب العرش فكرة انحصار المشروع التنموي ببلادنا، يبدو أنه كان هناك تفكير من طرفه كرئيس للدولة بما له من رؤية ودور استراتيجي و تحليل للوضع الإجتماعي، لذلك انتقل في هذا الخطاب ما هو عملي، إذ ضللنا طيلة سنة نتساءل ما العمل؟
بالعودة للخطاب الملكي يبدو أن هناك اليوم رؤية واضحة ستضع المغرب على سكة تجاوز مختلف الاختلالات التي عرفها النموذج التنموي إذ لم يعد هناك فقط مقبولا أن نردد بشكل جماعي عن عدم قدرة النموذج التنموي على تحقيق أهدافه، خاصة منها هدف الإقلاع الاقتصادي والتنموي، حان الوقت للانتقال إلى ما هو عملي، هنا الخطاب الملكي يدعو وفق أجندة محددة،بجدول زمني مضبوط إلى شيئين يعتبران حسب الخطاب مفتاح تجاوز الخلل التنموي السابق، وهما:
- لجنة خاصة بالنموذج التنموي: هنا الملك تفاديا لأي لغط حولها،و حول دستوريتها أو أنها موازية للحكومة، فقد أكد على طابعها " الاستشاري" من جهة علل أنها لم تكون بديلا للحكومة أو للمؤسسة التنفيذية، بل هي لجنة للتفكير تنتهي مهتمها بانتهاءها من إعداد التقرير، حاثا إياها إلى الاشتغال بصدق وأن تقول الحقيقة له وللمغاربة.
- الانتقال إلى معيار آخر عند اختيار المسؤولين العموميين و في المناصب العليا، لمواجهة التحديات التي حددها الخطاب في أربع: توطيد الثقة، أو إعادة الثقة بين المواطن والدولة، الانفتاح وعدم الانغلاق على الذات، تسريع وتيرة الإصلاح الاقتصادي ثم تحدي المساواة و العدالة الاجتماعية.
وهي المفاتيح التي قد تؤدي إلى مواجهة اختلالات الماضي الاقتصادية و التنموية التي أدت إلى عدن شعور فئات من المغاربة ببعض المكتسبات التي تحققت، نظرا لعدم قجرة الاختيارات الاقتصادية السابقة علة الاستجابة لتطلعات المواطنين الإجتماعية.
خطاب العرش،انتقل بعدها للحديث على القضية الوطنية معيدا التذكير بنقطتين:
- الأولى تتعلق بالقضية الوطنية،حيث لا نقاش خارج السيادة الكاملة للمغرب على أراضيه، وأن مقترح الحكم الذاتي حل قابل للنقاش و التطبيق، كاختيار ديموقراطي مغربي.
الثانية تتعلق بالجارة الجزائر،هنا قدم الملك إشارة واضحة على عدم تدخل المغرب في شؤون الجزائر الداخلية حيث خاطبها و كأن الوضع السياسي هناك مستقر، ثم ثانيا أعاد التذكير باليد الممودة للمغرب اتجاه الجزائر بفتح الحدود، و المبادرة المغربية بالحوار البناء المتجه نحو المستقبل.
خطاب العرش يضع قوس ليفتح قوس آخر في المجال الإجتماعي، فاليوم هناك إجماع على وجود اختلالات كبرى وسعت من الفوارق الإجتماعية و مست من الطبقة المتوسطة، هذا الإجماع دفع الملك للإجابة على سؤال ما العمل بعد تشخيص الوضع!!
اذا كان الملك قد قدم رؤيته للمرحلة المقبلة التي يجب أن تتجاوز التشخيص لتنتقل للعمل، رؤية انطلاقا من مسؤوليته الدستورية كرئيس للدولة يضع الرؤية الإستراتيجية للدولة،فهل الحكومة الحالية بشكل الذي تعيشه اليوم، صراعات هامشية، قصف متواصل لرئيس الحكومة السابق لها، تجادبات تقوضها وتفقد الثقة فيها، سيقدر المغرب على مواكبة أجندة الملك،أم انها ستحتاج لترميم بالكفاءات؟؟
سؤال الموسم الإجتماعي المقبل سيجيب عنه.