ألقى الكاتب الطاهر بنجلون، مساء يوم الاثنين 24 يونيو 2019، ببروكسل، محاضرة، حضرها باحثون وصحفيون وديبلوماسيون وأفراد من الجالية المغربية، حاول خلالها تفكيك مختلف الجوانب المرتبطة بإشكالية الهجرة ورهاناتها، وذلك خلال ندوة مناقشة نظمتها سفارة المغرب ببلجيكا حول موضوع " الهجرة وتناقضاتها".
ففي معرض حديثة أكد الطاهر بنجلون أن " الهجرة ليست مشكلة في حد ذاتها لكن المشكل الحقيقي يكمن في طريقة تصورنا لهذه الظاهرة وتوظيفها في الحملات الانتخابية من أجل ترهيب الناس"، وخاصة في أوروبا. مشيرا إلى ضرورة التوقف عن الحديث عن اجتياح أوروبا من قبل المهاجرين، والتحلي باليقظة أمام الأحكام المسبقة والمغالطات المرتبطة بالهجرة، والتي تزرع الحقد والخوف من الأجانب، تستغله الحركات الشعبوية والقومية.
هذا وحذر الطاهر بنجلون من الخلط بين الهجرة والإرهاب والذي كانت نتيجته الخطابات العنصرية والمعادية للإسلام. وقال إن التطرف في صفوف الشباب "سرطان أصاب جميع البلدان"؛ مشددا على ضرورة وضع نماذج دينية تنشر خطاب التسامح والاعتدال كما هو الحال في المغرب، من أجل محاربة الدعاية المتطرفة والأفكار الرجعية.
وخلال هذه الندوة، التي قامت بتنشيطها الصحفية البلجيكية من أصل مغربي نادية دالا، والتي حضرتها شخصيات من مختلف الآفاق، شدد الكاتب الطاهر بنجلون على ضرورة التمييز بين مختلف أنواع الهجرة: لاجئون، هجرة اقتصادية، هجرة سرية... من أجل تحديد إشكالية الهجرة ومحاربة توظيفها لأغراض سياسية. إذ اعتبر أن تسوية قضية الهجرة السرية، يجب أن يكون بشكل مسبق، من خلال معالجة الأسباب العميقة لهذه الظاهرة عن طريق النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان المصدرة للهجرة. داعيا البلدان المصدرة للهجرة وبلدان العبور والاستقبال إلى تنسيق جهودها من أجل محاربة فعالة لشبكات الاتجار بالبشر.
هذا وحث الكاتب، أيضا، على التضامن الأوروبي في مجال الهجرة، مشيرا إلى أن بلدان القارة العجوز عليها تجاوز الخلافات بينها حول هذه القضية من أجل التوصل إلى حلول ملموسة ومستدامة.
ومن جهته قال سفير المغرب ببلجيكا والدوقية الكبرى للوكسمبورغ، محمد عامر، بأن هذا اللقاء يندرج في إطار سلسلة الندوات التي تنظمها السفارة منذ السنة الماضية من أجل تسليط الضوء على المكتسبات والإنجازات التي حققها المغرب في مختلف المجالات. مبرزا أهمية اختيار الهجرة كموضوع لهذه الندوة، بالنظر للمكانة المركزية لهذه القضية على المستوى الدولي والرهان السياسي الذي تمثله في عدد من البلدان. مؤكدا على البعد الإنساني لسياسة الهجرة التي اعتمدها المغرب، والتي مكنت من تسوية وضعية أزيد من 50 ألف مهاجر، مشيرا إلى أن المملكة أصبحت بلد استقبال بعد أن كانت بلدا مصدرا وبلد عبور للهجرة.