ما هذا يا وزير التعليم العالي: السطو على أطروحة جامعية بكلية الآداب بالرباط أمام أعين صاحبها؟!

ما هذا يا وزير التعليم العالي: السطو على أطروحة جامعية بكلية الآداب بالرباط أمام أعين صاحبها؟! واجهة كلية الآداب بالرباط وفي الإطار سعيد أمزازي وزير التعليم العالي

يتساءل العديد من أساتذة الفلسفة داخل كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط وخارجها عن الأسباب التي تكمن وراء تماطل عميد هذه الكلية في الحسم بصدد الشكاية التي وجهها إليه الأستاذ عبد الله المتوكل، منذ ما يناهز سنة ونصف ضد الطالب المسمى (ت.م)، الذي دبج أطروحة سماها "المرجعيات الفلسفية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948"، نال بها شهادة الدكتوراه في الفلسفة من نفس الكلية في الموسم الجامعي 2014-2015. وهذه الأطروحة المزعومة هي سرقة مكشوفة، كما يتبين من عنوانها، لأطروحة الأستاذ عبد الله المتوكل التي ناقشها سنة 2008 في نفس الكلية، والتي هي بعنوان "الجذور التاريخية والأسس الفلسفية لمفهوم حقوق الإنسان".

وقد علمت "أنفاس بريس" من بعض الأساتذة الذين نظروا في أمر هذه السرقة وأكدوها، أن المدعو (ت.م) عوض أن يمارس البحث العلمي طبقا لأعرافه وأخلاقياته الكونية، استحوذ على أطروحة الأستاذ عبد الله المتوكل، وبذل مجهودا كبيرا في التمويه والتضليل بغرض طمس معالم السرقة، سواء على مستوى هيكلة البحث، أو على مستوى استبدال الكلمات بمرادفاتها... لكن حبل الكذب قصير، لأن للتضليل والتمويه في هذه الحالة حدود، لأن جل موضوع هذا التمويه مأخوذ من أطروحة الأستاذ عبد الله المتوكل، تفضحه الأفكار والمقاطع المسروقة، بل تفضحه بصفة أكثر العشرات من النصوص المترجمة من طرف الأستاذ عبد الله المتوكل، التي قام (ت.م) بنسخها حرفيا، بفواصلها ونقطها وإحالاتها وأرقام صفحاتها. مع العلم أنه على امتداد صفحات هذه الأطروحة المسروقة لم يشر، ولو مرة واحدة إلى اسم الأستاذ المتوكل عبد الله.

وتضيف مصادرنا أن هؤلاء الأساتذة يرون أن شهادة الدكتوراه  التي نالها هذا الشخص باطلة، لا من جهة كون الأطروحة التي تقدم بها مسروقة في مجملها، موضوعا ومضمونا، بل أيضا لأن أحد المقالين اللذين أرفقهما بملف المناقشة، والذي نشره في العدد الأول من مجلة "كتابات فلسفية" الصادرة عن منشورات كلية الآداب بالرباط سنة 2014، بعنوان "الجسم السياسي والحق في الحياة عند توماس هوبز"، هو عبارة عن سطو سافر، وبطريقة حرفية، على مقاطع كتبها الأستاذ عبد الله المتوكل في الفصول التي خصصها لتوماس هوبز. إذ أن كل ما جاء في هذا المقال المسروق، الذي يتكون من إثني عشر ورقة، وباستثناء صفحته الأولى التي تحتوي على مقدمة تمويهية، هو إنزال حرفي، سطرا سطرا، لفقرات من أطروحة الأستاذ عبد الله المتوكل.

وما يثير استغراب العديد من الأساتذة، من شعبة الفلسفة وغيرها، الذين يتابعون بقلق  مآل ملف هذه السرقة المؤكدة بالقرائن الملموسة، تضيف مصادرنا، هو التلكؤ المقصود في مسألة الحسم في موضوع هذه السرقة. مع العلم أن عميد الكلية، المطالب بتطبيق القانون وحماية حرمة البحث العلمي والدفاع عن مصداقية شهادة الدكتوراه المغربية، لا يتحمل أية مسؤولية في هذه السرقة، بل إن الأستاذ المشرف نفسه لا يتحمل، هو كذلك، هذه المسؤولية، خصوصا في ظل ظروف العمل السيئة، التي يشرف فيها الأستاذ الجامعي على عشرات البحوث، بحوث الإجازة والماستر والدكتوراه، والتي لا يستطيع في ظلها، مهما أوتي من طاقة ويقظة، أن يكتشف جميع محاولات الغش.

وأكدت المصادر نفسها، أن ما يخشاه هؤلاء الأساتذة هو أن يكون الهدف من هذه المماطلة، هو طبخ تخريجة مهينة للبحث العلمي ولشهادة الدكتوراه في بلادنا، تخريجة لا تخدم إلا أنانية مؤطرها، وتنتهي إلى شرعنة السرقة العلمية. لأنه إذا لم يطبق القانون في حق هذه السرقة، ستصبح كلية الآداب بالرباط عنصرا نشازا داخل الجامعات الوطنية والدولية؛ فقد سبق لبعض الكليات والمعاهد العليا بالمغرب أن فصلت بعض طلبة الماستر الذين ضبطوا متلبسين بالسرقة العلمية، كما سحبت شهادة الدكتوراه من بعض الطلبة لنفس السبب. أما على المستوى الدولي، وفي بعض الدول الديمقراطية، كألمانيا على سبيل المثال، في عهد أنجيلا ميركل، سحبت هذه الشهادة من وزيرتي التعليم والدفاع بتهمة الاحتيال والسرقة في أطروحتيهما.

والسؤال المطروح في الأخير هو: هل سيأخذ رئيس جامعة محمد الخامس ووزير التعليم العالي الإجراءات اللازمة في هذه النازلة صونا لكرامة رحاب الكلية، ومن ثمة إنصاف الأستاذ الجامعي عبد الله المتوكل؟