عبد اللطيف برادة: كيف ندافع عن الوطن

عبد اللطيف برادة: كيف ندافع عن الوطن عبد اللطيف برادة

يعتقد البعض أنهم مواطنون من الدرجة الأولى وأنهم وحدهم يدافعون عن مصلحة الوطن واستقراره وأنه أي الوطن لولاهم لضاع في مهب الريح وهو بالطبع اعتقاد خاطئ وفي الحقيقة أنهم بدافعهم عن الوطن بطريقة غوغائية فإنهم يدافعون في الحقيقة على المصالح الخاصة حيث يعتقدون أن مصالحهم الفئوية أو الطبقية هي مصالح الوطن بالذات لكن الواقع عكس ذلك لأن مصالح الوطن تكمن في الصالح العام وتخدم كل الفئات بغض النظر عن انتمائهم الطبقي تخدم المصلحة العليا ولا غير وهي بدلك تتفوق على كل المصالح الضيقة.

فالدفاع عن الوطن إذا يكون أولاً بالوعي التام الذي يتوجب أن يتحلى به كل أبناء الوطن، فمصلحة الوطن يتوجب أن تكون أولاً وقبل كل شيء أي قبل أية مصلحة ضيقة ما شاء لها أن تكون، فالمصالح الضيقة كثيرة وهي أنواع مختلفة لمصالح ذاتية فردية بحته، حيث لا ترتقي لأن تكون مصلحة جماعية لكافة أبناء الوطن. أما الدفاع عن الوطن الصادق فيبدأ بمحبة أبناء الوطن لبعضهم البعض، حيث إنّ هذا الأمر يساعد وبشكل كبير جداً على أن يتجاوزوا المآزق التي يمرون بها معاً، وهذا من شأنه أن يقتل أي نوع من أنواع المخططات التي تحاك من قبل الأعداء لتفتك بالأمة والوطن وتشرذم أبناءه وتقسمهم إلى أجزاء متناحرة متحاربة. وهكذا يكون الدفاع عن الوطن بالتضحية في سبيل الوطن ضد الأعداء المهاجمين المعتدين، وفي هذا السياق لا يجوز لأي شخص أن يعتدي وأن يهاجم أشخاصاً لم يهاجموه، فالأصل هو السلام والحرب هي الحالة الشاذة. حيثأ ن حب الوطن هو غريزة والدفاع عنه فرض على كل من هو قادر أخلاقياً ودينياً، لأن الدفاع عن الوطن هو دفاع عن الإنسان وعن ذاكرته وعن عقله وعن هويته والدفاع عن الوطن هو دفاع عن الشعب الذي تربى الإنسان بينهم، وشاطرهم أفراحهم وأتراحهم فكل هذه الأمور تستأهل من الإنسان أن يدافع عنها وأن يقدم الغالي والنفيس من أجل الحفاظ عليها. دلك انه لمن المؤكد ان الدفاع عن الوطن لا يكون بالغوغائية البلاغية التي يتخذها البعض ليل نهار على المنابر التلفزيونية بل بالتحري والتحليل العلمي وعلاج أسباب النزاع ومن دون مغالاة ولا اعتداء على مقدسات البلد الاخر.

يحتاج الوطن من مواطنيه الدفاع عنه والقيام بكل ما يفيده ويحافظ عليه، والابتعاد عن كل ما يسبب له الدمار، وذلك عن طريق المحافظة على ممتلكاته والمرافق العامة التي يسخرها لمصلحة أفراده، والمحافظة على الأموال العامة فيه، والابتعاد عن الفساد والسرقة التي تؤدي إلى ضياع مقدراته وثرواته، بل على المواطن زيادة من قدراته وعلمه من أجل النهوض بوطنه وإيصاله إلى المراتب العليا، وتحقيق التقدم وتطوير التكنولوجيا الموجودة فيه للارتقاء به بين البلاد المتقدمة.

ومن حق الوطن على المواطن أيضاً حسن اختيار من يقوم بتمثيله في الانتخابات الديمقراطية من أجل حسن استثمار الموارد وعدم استغلال منصبه لتسيير مصالحه وبالتالي التسبب بالضرر للوطن، وعلى أصحاب رؤوس الأموال المبادرة ببناء المشاريع والاستثمارات التي تفيد وطنهم، وترفع من شأنه في جميع الميادين والمجالات، وأنْ يفيد أبناء وطنه ويبتعد عن الأنانية وتقديم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، فبناء المشاريع تساهم في إيجاد فرص عمل للعاطلين وإنقاذهم من الضياع والضلال وبالتالي حماية الوطن من انحرافهم ولجوئهم للطرق الغير جيدة من أجل تلبية رغباتهم ومتطلباتهم.

وأخيرا فان من أكثر الطرق أهمية التي تعرب عن حب الوطن الدفاع عنه هي التصدي لمن يحاول خرق أمنه ونشر الفساد وإيقاع الكره والبغضاء بين أبنائه ومحاولة استغلالهم من أجل السيطرة عليه، فكلما تزعزع أمن البلد أصبح من السهل السيطرة عليه، لذلك على الأهل زرع محبة الوطن في نفوس الأبناء منذ الصغر وتعليمهم التضحية في سبيله، وزيادة توعيتهم بواجباتهم نحو الوطن.