الحسن زهور:صيام ستة أيام من شوال بين التشدد الوهابي والاعتدال المغربي

الحسن زهور:صيام ستة أيام من شوال بين التشدد الوهابي والاعتدال المغربي رشيد أيلال، والحسن  زهور(يسارا)
مازالت الخرجة الجديدة لرشيد أيلال، صاحب كتاب "البخاري ي نهاية الأسطورة "، والتي قال فيها بأن الإمام مالك من خلال كتابه "الموطـأ" ينفي أن يكون قد بلغه أن أحدا من أهل الفقه ومن سلفه يصوم ستة أيام من شوال، وأن أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون بدعته، أي أنه اعتبر صيامه بدعة ومن الأمور المحدثة، (مازالت ) تثير ردود الفعل؛ وفي هذا الإطار توصلت" أنفاس بريس" من الباحث والمحلل، الحسن  زهور، بهذه القراءة:
انصرم شهر رمضان بأجوائه الروحانية المتميزة من جهة، و بمظاهر التشدد والانغلاق التي بدأت تشوبه من جهة أخرى،  لينتقل بذلك هذا الشهر التعبدي من شهر روحاني تطهيري لنفس المسلم المتدين إلى شهر تمارس فيه الجماعة سلطتها الدينية متخذة العنف المعنوي والمادي والجسدي وسيلة إكراهية لمن خالف التصور الجديد للجماعة.
 المتأثر بالفكر والتدين الوهابي المتشدد، والذي تجدر، حاليا، في المجتمع المغربي نتيجة عوامل متعددة سياسية وإيديولوجية مرتبطة بمحاولة بعض القوى المتحكمة في جهاز الدولة سابقا، و بعض التيارات السياسية الدينية و القومية ربط هذا البلد بالشرق لإضعاف هويته الثقافية و الحضارية.
إذ أن أهم مميزات تديننا المغربي، كما عرفه الأجداد، وعشنا فترة منه، هو وضع التدين في موضع وسط بين التدين الجماعي وبين التدين الفردي، بحيث لا تفرض الجماعة على الشخص تدينا على المقاس، ومن هذا المنطلق لا تقصي الجماعة غير المتدين منها، و لا تفرض عليه ممارسة طقوس العبادة بالاكراه ( كما نراه اليوم) وتكتفي فقط بطلب الهداية لمن لا يمارس الطقوس او يقوم بممارسات ينهى عنها الشرع...( وهو ما عشناه قبل اجتياح الوهابية لبلدنا).   
في حين أن التدين الوهابي يفرض على كل أفراد الجماعة والمجتمع نوعا من التدين المتشدد ولا حرية للفرد فيه ان يخالف الجماعة ولا أن يمارس حريته ، إذ أن مصير من لا يمارس الشعائر الدينية فيها هو التكفير والإكراه البدني الذي يصل أحيانا إلى القتل.
 فمن مظاهر هذا التشدد الديني في بلدنا هي هذه الدعوات الجديدة التي تريد "فرض" صيام ستة أيام من شوال، والأمر سيبدو اليوم عاديا يدخل ضمن الاختيار الشخصي للمتدين، وهو حر في صيامها ابتغاء للأجر و الثواب وهنا لا جدال في  الأمر، لكن ما نخافه مع توالي السنين أن يصبح هذا  الاختيار الشخصي مفروضا بقوة العادة و التشدد ليصبح بدوره فرضا تحكم فيه الجماعة على من لا يصوم هذه الأيام بما تحكم على من يفطر في رمضان، والذي كان المجتمع المغربي يتساهل مع غير صائميه مكتفيا بطلب الهداية لهم، لينتقل المجتمع اليوم إلى ممارسة العقاب المعنوي والمادي و البدني على كل من يخالف الجماعة، ولنا أمثلة كثيرة وقعت في مجتمعنا المغربي في شهر رمضان.  
وأخوف ما نخافه أن تتحول بعض الاختيارات  الشخصية التدينية إلى إجبار جماعي تفرضه جماعة دينية ما لتتحول إلى عادة مفروضة بقوة تصور سياسي ديني  .
فما كتبه الباحث رشيد ايلال، مؤخرا، حول تحويل صيام ستة أيام من شوال من اختيار شخصي يتعلق  بحرية الفرد إلى محاولات  تحويله إلى إجبار جماعي من طرف بعض الجماعات الدينية
يدعونا الى مناقشة الأمر، ولاسيما وأن هذه الجماعات تسعى جاهدة إلى نشر التشدد كوسيلة لفرض هيمنتها الدينية و السياسة على المجتمع المغربي. 
كتب الباحث رشيد ايلال:
 ( كعادة إخواننا المتدينين بالدين التراثي أشبعونا سبا و شتما لأننا سألناهم عن علمهم بموقف الإمام مالك من صيام الست من شوال، الذي اعتبره بدعة، وكرهه ونفاه نفيا  قويا وقاطعا وبأسلوب شديد اللهجة...ونحن سننقل هذا النقل من "موطأ الإمام مالك" رقم الحديث:677 : "...قَالَ يَحْيَى : وَسَمِعْتُ مَالِكًا ، يَقُولُ فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ : إِنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ ، وَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ ، وَأَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ لَوْ رَأَوْا فِي ذَلِكَ رُخْصَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُونَ ذَلك".
موطأ مالك، رواية يحيى الليثي، كِتَاب الصِّيَام، باب جامع الصيام).
ما يهمنا في ما كتبه الباحث ايلال عن موقف الإمام مالك من صيام الأيام الستة من شوال- مع أن مذهبه هو المذهب الرسمي في المغرب- هو أن لا يتم تحويل اختيار تديني شخصي إلى تدين جماعي هو في نهاية الأمر يصب في مصلحة الجماعات الدينية التي  تريد فرض وصايتها على المجتمع وبالتالي ترسيخ "شرعيتها " لسحب البساط من الشرعية التاريخية للبلد، و بمعنى أوضح التحكم الديني كمطية للتحكم السياسي كطريق للوصول إلى السلطة.