البدالي: كيف يمكن توظيف زكاة الفطر في التنمية للحد من ظاهرة الفقر والتسول؟

البدالي: كيف يمكن توظيف زكاة الفطر في التنمية للحد من ظاهرة الفقر والتسول؟ صافي الدين البدالي

عند دخول العشرالأواخر من شهررمضان يكثر الجدل الذي بات مألوفا كل سنة حول مدى مشروعية الطريقة التي يتم بها إخراج زكاة الفطر، مالاً أو  كيلاً من غالب قوت أهل البلد؟، وكيفية توزيعها ومن يستحقها؟، فعند غيرالحنفية لا يجوز إخراجها إلا من غالب طعام أهل البلد، بينما عند الحنفية فيجوز إخراج  قيمتها مالا، وهذا ما اختاره شيخ الإسلام  ابن تيمية الذي اعتبر أن إخراجها قيمة من النقود تترتب عليه مصلحة راجحة للفقير.

إن الإستمرار في هذا الإختلاف يبين بان هناك  أزمة عميقة الجذور في الأمة؛ فى إدارتها وتعاملها مع الزكاة الرمضانية أو مع غيرها من القضايا المرتبطة بالزكاة. لأن الإجتهاد ضرورة في توحيد المقاصد الشرعية للأمة. ولأن المجتمعات تتغيروالتشكيلة الإجتماعية تتغيرحسب التطور الإقتصادي والإجتماعي، مما يدعو إلى التكيف مع التطورالذي يعرفه المحيط الإنساني، لأن تحديد معيار المسكين أوالفقيرأوعابرالسبيل أو لمؤلفة قلوبهم أو الغامرين، ليس محددا قارا في كل زمان ومكان. ومن هنا نطرح السؤال الآتي: هل تغني زكاة الفطر الفقير أوتحد من آفة الفقر في عصرنا اليوم؟، كانت نقدا أوحبوبا أو دقيقا أوغيرها ؟ إننا نلاحظ عند اقتراب عيد الفطر شوارع المدن تعج بالمتسولين من رجال و نساء وأطفال، ومنهم من يدعي الفقر في هذه المناسبة، حتى اصبحت هذه الظاهرة عادة  سنوية، بل من هؤلاء من يبيتون ليال ما قبل العيد، جماعات وأفرادا في الشوارع وفي الأزقة وفي الساحات العمومية، ليبدؤوا عملية التسول مبكرا وأحيانا في منتصف الليل و خاصة ليلة العيد . إنها مشاهد تجعلنا نتساءل عن دور الحكومة في الحد من مثل هذه المظاهر التي تهيمن على الشارع في مثل هذه المناسبات. أليس من الضروري الإجتهاد من أجل تنظيم هذه الزكاة من حيث شرطها واستثمارها لصالح الفقراء في مشاريع تنموية  تحد من ظاهرة الفقروالفقر المقنع، وتوفر لهم مناصب شغل، أو في الرفع من مستوى الأداء الخيري الذي يعاني العجز المالي؟ إن العالم لا يخضع للجمود بل هو يتغير، مما يجب استثمار محصول الزكاة في مجالات تقي المواطن من التسول و من مد اليد، في عصر أصبحت فيه دول كانت بالمس القريب يموت مواطنها جوعا، اصبحت الآن لها الإكتفاء الذاتي و في زمرة الدول المتقدمة بفعل التدبير العقلاني للموارد البشرية والمالية والثروات الطبيعية.

إن حجم الأموال التي تم تقديرها لزكاة الفطر تصل إلى 50 مليار سنتيم،  وهو رصيد مالي يمكنه  الحد من ظاهرة الفقر ومن حرفة التسول وتساهم في التكافل الإجتماعي. نحن الآن في حاجة إلى التصدي إلى مظاهر التسول و إلى شروط انتشاره بين أفراد المجتمع  والتطبيع عليه، نتيجة سوء التدبيرالمالي للدولة وشيوع مظاهر الفساد و نهب المال العام و الريع الاقتصادي و المالي و التهريب وغياب عدالة اجتماعية و توزيع  عادل للثروة إن أي اجتهاد للرفع من كرامة المواطن عبر منافذ الشغل و المقاولة الصغيرة والمتوسطة لمن شأنه أن يساهم في إخراج البلاد من دائرة التخلف و الفقر و من ظاهرة التسول .