إن مهمة القنوات التلفزيونية العمومية هي نشر الوعي و محاربة الأفكار المريضة التي لا تزال تروج في المجتمع المغربي خاصة فيما يتعلق بالمرأة أو بالفئات الهشة في المجتمع. ولكن العكس هو الذي يحدث و خاصة في رمضان حين تصل نسبة المشاهدة إلى أعلى مستوياتها. السلسلة الفكاهية " البهجة ثاني" مسلسل مغربي من إنتاج القناة الثانية ضمن برامج رمضان (2019) نموذج للرداءة في أوجها.
فبالإضافة إلى التكرار الذي يميز هذا المسلسل في المواضيع والممثلين والديكور والشخصيات والحوار، يعتمد هذا العمل على ازدراء المرأة و كبار السن لإضحاك المشاهد.
في" البهجة ثاني" المهرج هو امرأة مهووسة بأشغال البيت والطبخ لدرجة أنها ترفض المساعدة حين تعرض عليها. و أغلب المشاهد الهزلية في هذا المسلسل تعتمد على غباء هذه الشخصية و على غرابة النساء الأخريات اللاتي لا يتمتعن بنفس الهوس.
يظهر كبار السن في هذا المسلسل بصورة نمطية. السي قاسم (عبد الله فركوس) يلعب دور « العجوز » الذي ينشد الصبا وأغلب المواقف الهزلية تنتج عن السخرية من هذه الشخصية واستنكار ما تعبر عنه من الحاجة للحب و الحلم. كلمات جارحة و مهينة لكبار السن تكرر خلال كل الحلقات لا لشيء إلا لإضحاك المشاهد. و لكن لا احد يجد نفسه في هذا المسلسل، لا كبار السن و لا الأصغر سنا. بل على العكس،هذا المزاح يسبب الإهانة لمشاعر المشاهد و الاستغراب الذي يؤدي إلى تساؤلات عدة.
أين هي الهاكا؟ لماذا لا تقوم بالدور المنوط بها؟ كيف تسمح بهذه التجاوزات الخطيرة لدﻓﺗر اﻟﺗﺣﻣﻼت؟
من هي صفاء البركة، مخرجة المسلسل؟ كيف سمح لها بإخراج عمل يبث البؤس في أنفس المشاهدين و يكرس فكرة ازدراء كبار السن بدلا من محاربتها؟
رغم أن « البهجة ثاني » مسلسل تافه و فارغ إلا انه خطير يحرم ولو من خلال الخيال كبار السن من الحق في السعادة و الحب و يبث سمومه في المشاهدين الذين يفتقرون إلى الحس النقدي.