ذاكرة مراكش الشعبية : أزْفْلْ أو " العلقة " وما جاورها من شطط سلطة المخزن بمراكش(17)

ذاكرة مراكش الشعبية : أزْفْلْ أو " العلقة " وما جاورها من شطط  سلطة المخزن بمراكش(17) "أزفل"، كان يمارس أغلب الأحيان في مقرات السلطة التنفيذية مثل دار الباشا....
بدون منازع حققت صفحة " مراكش مدينة الألف سنة " التي أحدثها عاشق مدينة سبعة رجال ، الأستاذ "مراد الناصري" سنة 2017 ، بموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، أهدافها المتعلقة بالنبش في ذاكرة المدينة الأسطورة، ونفض الغبار عن تراثها العظيم بالكتابة والصورة، وفتح أبواب شخوصها و معالمها العمرانية والتاريخية بمفاتيح الحضارة الإنسانية. " لقد راهنت على إبراز أهمية استثمار مواقع التواصل الاجتماعي في الجانب الإيجابي، وتمرير رسائل مهمة للجيل الحالي على جميع المستويات، فضلا عن مشاركة ساكنة مدينة الحمراء عشقهم لحضارة مراكش..." يؤكد مراد الناصري.
فعلا إن المبحر في صفحة "مراكش مدينة الألف سنة" يجدها تجربة رائدة في استثمار موقع الفيسبوك إيجابيا، حيث نعتبر أنها جديرة بالمتابعة والتعميم والمواكبة الإعلامية، وتقاسم مواضيعها النادرة مع قراء جريدة " أنفاس بريس"، لتعميم الفائدة طيلة شهر رمضان الأبرك.
"أزفل"، مصطلح مراكشي قديم ـ يبدو واضحا من خلال وزنه وميزانه الصرفي أنه أمازيغي الأصل ـ يكاد يندثر في وقتنا الحالي، وهو الذي ارتبط تاريخيا "بالعلقات" أو "الطريحات" أو (المدلوكات ديال العصى) التي (أكلها) الناس على سبيل التأديب والعقاب وأحيانا أخرى بداعي "الحڭرة" واستعراض العضلات فقط، من لدن السلطات التنفيذية للدولة وممثليها الرسميين من رجال سلطة وأمن وخلافهما.
"أزفل"، كان يمارس أغلب الأحيان في مقرات السلطة التنفيذية مثل دار الباشا، أو دار القايد أو خليفة القايد أو في التقطيعات الإدارية التابعة لدار المخزن بشكلها القديم مثل "دار الدقة" التي كانت مقابلة لسقاية حومة المواسين، أو "دار الثقة" في أزبزط والتي هي بمثابة سجن الحراسة النظرية أو "لاكاب" بلغة العصر الحديث، وفي السائد الأعم من الحالات أيضا، كان "أزفل" يتم في الأقبية والسراديب وذلك حتى لا يسمع صراخ "المضروبين" فلا يقض مضجع المسؤول السامي أو يتناهى لمسامع الناس والعامة في الشارع...
لدى الباشوات والقياد الذين مروا على مراكش حكايات وقصص مع "أزفل" ترويها لنا الذاكرة الشعبية، ولعل آخرهم كان هو القايد ذو الأصل الصويري في مقاطعة جامع الفنا "أحمد بانكور" والذي كان يستغل قرابته من الباشا 'الجيلالي الشجعي" ليمارس بعض التجاوزات في حق المواطنين دون حسيب ولا رقيب، بعد أن وصل الأمر لاحتجاز أشخاص كل ذنبهم أن شعرهم منسدل وناعم، ليتم قصه عنوة وبالقوة ودون حتى مفاوضات سلام!!
"أزفل" ظاهرة اجتماعية عاشتها مراكش في الأزمنة الغابرة اختلفت حولها الآراء وانقسمت بين معارض لها في غياب محاكمة عادلة لمتهم قد يكون بريئا تعوزه الحجة للدفاع عن نفسه إزاء خصم يجيد اللحن بالحجة، وبين مؤيد يرى في "أزفل" وسيلة فعالة للتأديب والتقويم مضمون المفعول بقدر ما هو سريع الأثر، من دون أن تتحمل الدولة نفقة حبس المتهم على حساب دافع الضرائب ومن دون أن يدخل المحبوس السجن وهو في وضع ما زال قابلا للتقويم ليخرج منه مجرما كبيرا بفعل الاحتكاك بجهابذة وفطاحلة الإجرام، وذلك كما يحدث في وقتنا الحالي.