بعد مجزرة نيوزيلندا: ترامب يغيب عن نداء باريس من أجل محاربة التطرف على الأنترنيت

بعد مجزرة نيوزيلندا: ترامب يغيب عن نداء باريس من أجل محاربة التطرف على الأنترنيت مشهد من العملية الإرهابية التي ارتكبها الأسترالي ضد المسلمين بنيوزيلندا
غياب أمريكي كبير عن المبادرة التي تم اطلاقها الأسبوع الماضي بباريس مجموعة من البلدان رفقة عمالقة الأنترنيت وذلك من أجل احتواء خطاب الكراهية والتطرف عبر الانترنيت. وهي مبادرة جاءت من نيوزيلاندا قدمتها رئيسة وزراء هذا البلد "جاسيندا ارديرن"، مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تحت اسم "نداء كريستس تشارتش" ، بعد المجزرة التي  تعرض لها بلدها، والتي قام بها إرهابي استرالي، من الذين يدعون تفوق العرق الأبيض  حيث اقترف مذبحة بمسجدين بكريست تشارتش  أودت بحياة  51 ضحية.  خطورة هذه المدبحة هو نقلها المباشر عبر فايسبوك من خلال الكاميرا التي ثبتها منفذ الجريمة فوق رأسه، وحتى بعد انتباه فايسبوك لخطورة ما تم تقديمه على شبكته بشكل مباشر وحذفه للمحتوى، فان فيديو هذه الجريمة تناقلته وسائل اتصال أخرى. بمعنى أن هذه الجريمة التي وقعت في بلد بعيد عن دول العالم بحكم موقعه الجغرافي، عاشها بشكل مباشر ملايين من المتابعين. وتم تقاسمها بوعي أو بدون وعي بين عشرات الملايين من المشاهدين.

من هنا جاءت المبادرة الفرنسية النيوزيلاندية وهي تحميل شركات الشبكات الاجتماعية لمسؤولية ما ينشر على منصاتها الرقمية، والمشاركة في متابعة ما يحدث فيها وحذف الصور والخطابات التي تدعو للإرهاب والكراهية ضد الاخرين. وانضم عمالقة الانترنيت الى نداء  "كريست تشارش" بالإضافة الى حوالي 20 من قادة العالم  الذي اجتمعوا في  15 ماي 2019بقصر الاليزيه بباريس، مع  شركات الانترنيت منهم غوغل، فايسبوك وتويتر.

وقالت الرئاسة الفرنسية بهذه المناسبة:  "ان القلق المشترك لكل المشاركين، وهو كيفية مطالبة الدول وكبريات الشركات الرقمية بالتحرك ضد الإرهاب والتطرف  العنيف على الانترنيت."

اللقاء هو أيضا استجابة لتزايد المطالب بضرورة التحرك ضد استغلال  المتطرفين لوسائل التواصل الاجتماعي من أجل  نشر الحقد والكراهية. خاصة ان  محاصرة هذا الخطاب  المتطرف لا يمكن أن تتم على مستوى بلد واحد بل لا بد من عمل دولي مشترك.

هذا اللقاء السياسي الذي شهدته فرنسا كان  بموازاة مبادرة أطلقها الرئيس الفرنسي  لجمع 80 من مسؤولي شركات التكنولوجيا لإيجاد سبل توظيف التكنولوجيا الجديدة من اجل المصلحة العامة.

وكان هدف  هذه المبادرة وهذا النداء المشترك  الى مكافحة التطرف عبر الشبكات الرقمية، لكن  الولايات المتحدة الامريكية  التي تستقر  فوق أراضيها أغلب هذه المقاولات  أعلنت  انها لن توقع هذه المبادرة  لكنها تدعم أهدافها، حسب بيان للبيت الأبيض.

وهو ما جعل  فايسوك الذي زار مؤسسه  مارك  زوكير بيرغ باريس في بداية  شهر ماي 2019  والتقى بالرئيس الفرنسي،  يعلن عن تشديد قيود خدمة البث المباشر، بهدف منع التشارك الواسع  لتسجيلات عنيفة او إجرامية كما حدث خلال مجزرة كريستش تشارس.

وأعلنت الشركات العاملة في هذا المجال أنها سوف تتعاون لإيجاد أدوات جديدة لتحديد المضمون المتطرف بسرعة مثل تبادل قواعد البيانات للمنشورات او الصور العنيفة لضمان عدم انتشارها  في العديد من المنصات الرقمية.

وحسب الرئيس الفرنسي، فانه لأول مرة تتفق  الحكومات والمنظمات الدولية والشركات  والمؤسسات الرقمية على سلسلة من الإجراءات والتعاون الطويل المدى لجعل الانترنيت  مكانا امنا وليس منصة لنشر الرعب،الإرهاب ،الكراهية والعنصرية كما هو عليه الحال اليوم.

لكن غياب دولة كبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية عن هذه المبادرة يجعلها ضعيفة  ويصعب الزام  عمالقة الانترنيت على تطبيق  كل ما تم الالتزام به  رغم اعلان حسن النوايا، على اعتبار ان واشنطن هي الدولة الوحيدة التي لها وسائل  القانونية لإلزام المقاولات بما يتم الاتفاق عليه على المستوى الدولي  كيفما كان الاتفاق، خاصة ان اغلب هذه المقاولات توجد مقراتها الاجتماعية فوق أراضيها.

بيان البيت الأبيض حول هذه المبادرة  "يؤكذ ان الظروف الان  لا تسمح لواشنطن للانضمام الى هذا التعهد، الا اننا ندعم اهدفه." ولكن في نفس الوقت يقول البيان  انه يشجع شركات التكنولوجيا  على تنفيذ شروط الخدمة الخاصة بها والمعايير المجتمعية التي تحضر استعمال  منصاتها لأهداف إرهابية، ونوصل جهودنا الاستباقية  من اجل  مواجهة المحتوى الإرهابي على الانترنيت." موقف واشنطن مع مراقبة   المحتوى الذي يشكل تهديدا  لكن  دون ان يكون ملزما لهذه المقاولات، او ان هناك تخوف امريكي من اصدار قوانين  ملزمة يمكن ان يهدد استمرارية هذه المنصات الاجتماعية في العديد  البلدان في حالة تعرضها لمتابعات قضائية وما يترتب عن ذلك من خسائر لهذه  المقاولات.