عمر حلي: كلية الطب والصيدلة.. المآزق والمطالب

عمر حلي: كلية الطب والصيدلة.. المآزق والمطالب عمر حلي
تأكد اليوم، أكثر من أي وقت مضى أن التوقف الذي عرفته كليات الطب بالمغرب لم يكن محسوب العواقب، وان الجهات التي تحرك خيوط احتجاج طلاب هذه الكليات لم تأخذ بالحسبان انقضاء باقي الاحتجاجات التي كانت توفر لها خلفية سياسية ونقابية، كحركة أطر الأكاديميات (المتعاقدين) وفتح ماي وما سبقه من جولة اتفاقية بين الحكومة والنقابات.
لقد كان احتجاج طلبة الطب ذا مسوغات يبررها السياق العام وتسوغها لائحة المطالب الطويلة التي تتأرجح بين:
- مطالب بيداغوجية متعلقة بالخصوص بتأهيل المستشفيات والرفع من نسب التأطير واستكمال البنيات الكبرى مثلما هو الحال بالنسبة للمستشفيات الجامعية بكل من أكادير وطنجة؛
- مطالب ذات طابع نقابي كتلك المرتبطة بالرفع من تعويضات الأطباء الداخليين؛
- ومطالب سياسية تسير في اتجاه تقويض اختيارات الدولة في المضي نحو تشجيع خوصصة التكوين في المجال الصحي وتشجيع الكليات الخاصة.
ويبدو أن الصيغة الأخيرة التي تم التوصل إليها مع الوزارة أمس تؤكد أن المطالب السياسية كانت هي العائق، وأن الذين يحركون خيوط التوقف، إنما ارتكزوا على مكاتب الطلبة وعلى التنسيقية لتوفير تغطية تنظيمية داخلية تحصن حركة الاحتجاج من كل تدخل قد يسحب من الواقفين وراءها التحكم في هذه الحركة.
وقد تبين هذا الاختيار باللجوء إلى قاعدة العودة إلى الجموع العامة التي توحي باعتماد المنهجية الديموقراطية، وذلك لإغلاق منافذ الحلول، باعتماد سبق إلى الضغط في المؤسسات (وصل إلى مواجهات)، كي يبقى القرار بيد قلة قليلة استطاعت أن تجند الطلبة وتقدم لهم طبقا يلدو متكاملا من المطالب التي عمل الجميع على التقدم فيها دون إحراز تقدم في الحوار.
يؤكد هذا التفسير، الطرائق المتجددة التي اعتمدتها التنسيقية، باعتماد شبكات التواصل في مرحلة أولى، وبعض المنابر الإعلامية في مرحلة ثانية، لتصل في النهاية إلى انكماش عبرت عنه التنسيقية بتجفيف منابع الخبر والاتفاق على ان يظل الاتفاق الأخير "سرا" إلى غاية الانتهاء من التصويت الذي سوف ينتهي يومه الأحد.
وقد اتضح اليوم من خلال ترصد حركة الطلبة الأطباء أن هناك محركات سياسية أصبحت خريطتها تتضح أكثر فأكثر، إذ لم تعد تكتفي بمناقشة ملف مطلبي وتحديد مساحات الاتفاق حوله وتحديد أولوياته، بل تجاوزته إلى جعل الاحتجاج حركة تبحث لعا عن صدى داخلي عند أطباء المستقبل، من جهة، وتجد لها صدى سياسي خارج أسوار الكليات، في قبة البرلمان وفي الإعلام وفي شبكات التواصل الاجتماعي.
ولكن يبقى السؤال المطروح هو ما الأفق الذي يبحث عنه محركو هذا الاحتجاج؟ ومن سيؤدي فاتورة الهدر، هدر الزمن وهدر الوسائل؟
وإذا ظلت الحركة الاحتجاجية مستمرة، فمن يتدارك السداسي المهدد بالضياع ومن يعيد ترتيب الدخول الجامعي بهذه الكليات؟