هل يحول فعل استنزاف الفرشة المائية بأراضي دكالة إلى مناطق جافة ومنكوبة؟

هل يحول فعل استنزاف الفرشة المائية  بأراضي دكالة إلى مناطق جافة ومنكوبة؟ صور من الأرشيف

قيمة نعمة الماء لا يمكن مقارنتها بأي شيء آخر، لارتباطه بالحياة أساسا، ( وجعلنا من الماء كل شيء حي )، لذلك تعتبر المؤسسات الساهرة على تطبيق قوانين الماء، ومن بينها ـ وكالة الحوض المائي أم الربيع....والسلطات المحلية والمنتخبة...ـ ، مؤتمنة وملزمة على تطبيق القوانين حرصا منها على المحافظة على منابع الماء وفرشته ومخزونه، لأن (ندرة وشح الماء) من أشرس المواجهات التي يمكن أن تقع على وجه الأرض، وتخلف الأضرار البليغة.

من المعلوم أن طلبات تراخيص "حفر ثقب مائي " ( بئر)، والتي توجه إلى وكالة الحوض المائي أم الربيع، يتم معالجتها من طرف مدير الوكالة الذي يوافق على منح التراخيص بعد دراستها في غضون سبعة أيام أو عدم الموافقة عليها وفق الضوابط القانونية ، بتنسيق مع لجنة المراقبة التي تتكون من السلطات المحلية، و المكتب الفلاحي للاستثمار الجهوي . هذه اللجنة التي تضم أطرا و مهندسين مختصين تقوم بمهامها على أرض الواقع للتأكد من موقع نقطة البئر، وعدم وجود أي مانع يحول دون إحداثه، أو اعتراض من طرف مالكي الأراضي الفلاحية المجاورة.... وبعد توفر شروط منح الرخصة يتم ذلك تحت عنوان " رخصة حفر ثقب مائي " في غضون 15 يوما حسب القوانين المعمول بها .

ماذا يقع بمنطقة دكالة ؟

  "أن يتراجع مخزون السدود من المياه بسبب قلة الأمطار.... يمكن أن نعتبر هذا أمرا طبيعيا له ارتباط بمعضلة بيئية تتعلق بأحوال الطقس و الجفاف وتراجع التساقطات المطرية ... لكن مشكل استنزاف الفرشة المائية عن طريق فاعل، وبآليات التدمير والاستغلال المفرط والعشوائي... فذلك أمر جلل لا يمكن السكوت عليه."، يقول أحد الفاعلين الجمعويين بمنطقة سيدي بنور للجريدة.

إن سبب نزول هذا المدخل، يتعلق بالأفق الأسود والمظلم الذي يخيم على منطقة دكالة ومستقبلها الفلاحي والزراعي حسب مصادر جريدة " أنفاس بريس"، والذي يدفعنا إلى طرح أسئلة مقلقة من قبيل، هل فعلا ستتعرض الفرشة المائية بمنطقة دكالة إلى الاستنزاف ؟ من يتحمل مسؤولية تجفيف مياه دكالة من ينابيعها ؟ ما السبب في الانتشار العشوائي للآبار المحدثة بالعديد من المناطق والجماعات الترابية بإقليم سيدي بنور؟ وهل محاصيل فلاحة دكالة مهددة بالتراجع ثم الانقراض ؟

تقليص ساعات السقي الزراعي سببا في عشوائية انتشار آبار الري بدكالة .

لا حديث في مجالس الدكاليين، و الأوساط الفلاحية بمنطقة دكالة إلا عن مشكل استنزاف الفرشة المائية، وتراجع احتياطي و صبيب المياه الجوفية، من خلال الانتشار السريع للآبار المرخصة من طرف مؤسسة وكالة الحوض المائي أم الربيع . فالزائر لمنطقة دكالة عبر سلسلة الجماعات الترابية والمناطق التابعة لعمالة سدي بنور مثل : ( بني هلال و بوحمام و العطاطرة و الجابرية، و المشرك، و جمعة أمطل، و العونات....) وغيرها ، يلاحظ إحداث و استنبات عدة ثقوب آبار انتشرت كالفطر بشكل عشوائي في الحقول وبقع المزارع البورية ، ويمكن الاستدلال هنا بمثال يوجد بالخط الطرقي الرابط بين مدينة بن جرير ومدينة مراكش عبر طريق جمعة أمطل، وفي نقطة محددة سجلنا إحداث أربعة (4 ) آبار مجاورة لبعضها البعض يسارا، وعلى يمين الطريق ثلاثة آبار أخرى، أي أننا رصدنا سبعة (7) آبار في محيط زراعي لا تتجاوز مساحة قرصه 900 متر تقريبا. بمعنى أن شرط المسافة الواجب احترامها قانونيا بين ثقوب  الآبار غير متوفرة نهائيا.

تعرف منطقة دكالة وخصوصا بمجال إقليم سيدي بنور، تراجعا مخيفا على مستوى مياه السقي، والدليل الذي استندنا عليه، يتحدد في تراجع ساعات توزيع  مياه السقي على الفلاحين لري منتوجاتهم الزراعية، حيث تقلص زمن السقي بشكل قوي. في هذا السياق أكدت مصادر جريدة " أنفاس بريس" أن الفلاح الدكالي كان  تخصص له من 8 إلى 10 ساعات لسقي هكتار واحد من أراضيه الفلاحية، أما اليوم فلم يعد تتجاوز مدة سقي الهكتار الواحد ثلاثة ساعات بالكاد. ويعزى ذلك حسب مصادر عليمة إلى تراجع احتياطات ومخزون (السد / البراج) من الماء بشكل مهول. بسبب قلة التساقطات المطرية.

المشاكل المترتبة عن تراجع ساعات السقي بالأراضي الفلاحية والزراعية على مستوى الإنتاج والجودة والكمية ، دفع بالفلاحين بمنطقة دكالة إلى اللجوء،  إلى وكالة الحوض المائي أم الربيع للحصول على تراخيص " حفر ثقب مائي"، واستعمال الآبار كبديل للسقي، لكن الملاحظ أن هذه الموجة عرفت انتشارا عشوائيا واسعا بمنطقة دكالة ،  دون مراعاة المساطر القانونية، لتجنيب المنطقة كارثة بيئية.

ـ شبح كارثة أكادير البيئية يحوم فوق سماء دكالة.

" لنتذكر كارثة أكادير البيئية، بعدما كانت منطقتها الفلاحية معروفة بوفرة الإنتاج والتصدير الخارجي للخضر والفواكه ومختلف المنتوجات الفلاحية والزراعية، بعد أن تم استنزاف الفرشة المائية عن طريق السقي الجائر وانتشار  حفر الآبار بشكل عشوائي، منذ بداية سنوات السبعينات إلى حدود فترة 2000 ، من طرف الفلاحين الكبار المصدرين للخضر والفواكه. والدليل أن عمق البئر لم يكن يتجاوز آنذاك 120 مترا، إلا أنه اليوم يمكن للثقب المائي أن يتجاوز عمق 250 متر للبحث عن الماء. ...؟؟". يؤكد أحد الفلاحين الذي دق ناقوس الخطر بمنطقة دكالة، على مستوى استنزاف الفرشة المائية.

نفس المتحدث لجريدة " أنفاس بريس" كشف بأن هناك "هجوما واكتساحا من طرف الفلاحين الكبار القادمين من مناطق أخرى،  للاستثمار بمنقطة لمنابهة والرحامنة من الجهة الجنوبية المحاذية لمنطقة نزالة لعظم، حيث تتم عملية شراء الأراضي الفلاحية وحفر الآبار دون حسيب أو رقيب". في السياق نفسه أوضحت مصادر أخرى بأن "  سعر الهكتار الواحد بهذه المناطق انتقل  من 30 ألف درهم إلى أكثر من  600 ألف درهم للهكتار. والسبب الحقيقي هو عشوائية منح التراخيص لحفر الآبار واستغلالها في سقي المحاصيل الزراعية هناك ".

مشكل بيئي حقيقي، يهدد منطقة دكالة بإقليم سيدي بنور، حسب مصادر جريدة " أنفاس بريس"، التي قالت بأن " استنزاف الفرشة المائية بالوثيرة الحالية، قد يجعل الإنسان مهدد في حياته، ولن يجد حتى شربة ماء يروي بها عطشه ( لن يجد المواطن حتى ما يشرب ) ".وحذر نفس المتحدث من كارثة استنزاف الفرشة المائية قائلا: " إن جفت أراضي دكالة من الماء، فعلينا انتظار وترقب طامة كبرى في المغرب ، لأن جفاف دكالة يعني تراجع في المحاصيل الزراعية ( الخضروات ـ الحبوب ـ القطاني ـ الفواكه ...) وتراجع كذلك في عدد رؤوس المواشي ( الأغنام ـ الأبقار ـ الخيول ..) وانقراض الدواجن، و جفاف الفرشة المائية بمنطقة دكالة يعني خصاص مهول في المواد الاستهلاكية الفلاحية على جميع المستويات...".