تاريخ وحضارة : "القبة" هندسة ومعمار يسر الناظرين بمراكش (الحلقة 8)

تاريخ وحضارة : "القبة" هندسة ومعمار يسر الناظرين بمراكش (الحلقة 8) نموذج من حضارة معمار مراكش

بدون منازع حققت صفحة " مراكش مدينة الألف سنة " التي أحدثها عاشق مدينة سبعة رجال، الأستاذ "مراد الناصري" سنة 2017 ، بموقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، أهدافها المتعلقة بالنبش في ذاكرة المدينة الأسطورة، ونفض الغبار عن تراثها العظيم بالكتابة والصورة، وفتح أبواب شخوصها  و معالمها العمرانية والتاريخية بمفاتيح الحضارة الإنسانية. " لقد راهنت على  إبراز أهمية استثمار مواقع التواصل الاجتماعي في الجانب الإيجابي، وتمرير رسائل مهمة للجيل الحالي على جميع المستويات، فضلا عن مشاركة ساكنة مدينة الحمراء عشقهم لحضارة مراكش..." يؤكد مراد الناصري.

فعلا إن المبحر في صفحة "مراكش مدينة الألف سنة" يجدها تجربة رائدة في استثمار موقع الفيسبوك إيجابيا، حيث نعتبر أنها جديرة بالمتابعة والتعميم والمواكبة الإعلامية، وتقاسم مواضيعها النادرة مع قراء جريدة " أنفاس بريس"، لتعميم الفائدة طيلة شهر رمضان الأبرك

 

ـ " قبّة مقابلة قبّة البلاد زاهية ...."

يعرّف معجم المعاني القبّة بأنها كل "بناءٌ مستديرٌ مقوَّس مجوَّف يُعقَدُ بالآجُرِّ ونحوه"، وفي تعريف آخر لها يقول ذات المعجم بأن القبّة هي "بِنَاءٌ سَقْفُهُ نِصْفُ دَائِرِيٍّ مُقَعَّرٌ مِنْ دَاخِلِهِ"، مستشهدا على ذلك بقبّة الصخرة التي بناها الخليفة الأموي "مروان بن عبد الملك" فوق الصخرة المقدسة التي عُرِجَ منها بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الملكوت الأعلى ليلة الإسراء والمعراج المباركة...

وفي النموذج المعماري المغربي، القبّة هي الغرفة من الرياض أو الدار البلدية؛ غرفة مستطيلة الشكل أحد بعديها (الطول أو العرض) يكون أكبر من البعد الآخر بشكل واضح وجليّ، كما أن القبّة ـ وجمعها قباب ـ تكون ذات أبواب كبيرة في الغالب الأعم، كما قد تتخللها نوافذ ذات ارتفاع منخفض تسمح بالرؤية نحو الخارج بالنسبة للجالس داخلها...

من خصائص القباب ومميزاتها أيضا أنها تكون متقابلة في ما بينها، وذلك لأنها عادة ما تتوسط البهو أو وسط الدار ذي الشكل المربع، وفي هذا هي تختلف عن شكل بناء الدور والعمارات الحديثة والتي تعتمد على بناء الغرف بطريقة المقص؛ أي أنها تكون في نفس الجهة من ممر البيت، أو حتى في جهتين متقابلتين لكن إحداهما منزاحة عن الأخرى بأمتار ولا تقابلها مباشرة وجها لوجه...

من الناحية العمرانية تنفرد القبة بخصائص ( بيئية) تميزها مثل السقف المرتفع والحائط السميك الممتص للحرارة مما يجعلها باردة في الصيف دافئة في الشتاء، كما أن ارتفاع السقف يحد من سرعة انتشار الصوت بما يتيح للناس الحفاظ على خصوصيتهم من خلال أخذ راحتهم في الحديث بكل أريحية واطمئنان...

ومن العادات الاجتماعية الجميلة لدى أهل مراكش قديما أن يدقوا ويطرقوا حيطان القباب أوالغرف التي تربطهم ببعضهم البعض أو حتى الجيران، وقد كان ذلك بمثابة الإشارة التي تحيل على طلب مستعجل يتقدم به الطارق في اتجاه المطروق على أمل استجابة هذا الأخير في أقرب وقت ليلبّي النداء.