محمد المرابط: ألا يقتضي حل ملف حراك الريف،حكمة تعزيز الدور التحكيمي للملك؟!

محمد المرابط: ألا يقتضي حل ملف حراك الريف،حكمة تعزيز الدور التحكيمي للملك؟! محمد المرابط
عطفا على مقالي السابق "الوساطة المدنية في ملف حراك الريف،عنوان التطور الديموقراطي للمغرب"، واستحضارا لميلاد مبادرة بالحسيمة يوم الأحد 12 ماي 2019، التي خرجت من رحم "مجوعة العمل من أجل الريف وكل الوطن"،واتخذت لنفسها اسم "لجنة إقليم الحسيمة لإطلاق سراح معتقلي حراك الريف وكافة المعتقلين السياسيين"،يجمل أن ألفت عناية نخبة الريف- وهي ذوات فردية في غاية التكوين،لكنها مطالبة كذات جمعية بتجاوز درجة الصفر في السياسة-إلى ضرورة البحث عن مخارج مشرفة لملف حراك الريف، أمام اتساع موجات إقحام شخص الملك في هذا الملف بحسن نية أو بدونها، وبمضمون يصل في الغالب حد السب والقذف،حيث مع هذا المسلك المرفوض في السياسة وغيرها، يزداد الأمر تعقيدا.وهذا بيان ذلك:
1- لقد تنبه نوفل المتوكل، مؤخرا، إلى أن طبيعة الملف المطلبي للحراك لم تكن تستوجب الصدام مع الجهات العليا.وكنت قد تنبهت مبكرا للمسة رضوان أسويق - وهو من حركة 18شتنبر لاستقلال الريف-في هندسة  ازدواجية الحراك في الحسيمة،بين مشروعية المطالب، وتدبير الزمن الميداني في اتجاه آخر. ويحيلنا هذا النهج في تأزيم الوضع  على ناصر الزفزافي،وهو يطيح بالملف المطلبي - الذي يمثل أطروحة متكاملة تعكس المجهود النظري الذي أبداه الحراكيون في صياغته للنهوض تنمويا بالمنطقة - بحديثه عمن يسميه ب"محمد وني نتا"،إلى جانب تصريحات ربيع الأبلق أيضا،في هذا الباب.فتبين أن جوهر الحراك،كما بلوه الزفزافي ميدانيا ليس الملف المطلبي،بل استفزاز رموز الدولة ومؤسساتها،بغاية تأزيم الوضع لأهداف غير بريئة،بما في ذلك طرح العلم الوطني أرضا بالحسيمة،بحيث لم يتدخل الزفزافي لتدارك هذا الاستفزاز.وهو نفس المسلك الذي ينتهجه الزفزافي الأب؛ فهو من جهة يعزف على وتر المظلومية ،ومن جهة أخرى يلمز الملك،لعله بهذا اللمز يعرقل حل ملف الحراك، لمآرب شخصية وعدائية.
2- في سياق الاحتجاج على الأحكام الاستئنافية على معتقلي عكاشة، نقف على ما يلي:
أ-نظم الجمهوريون بشكل متزامن في 13 أبريل 2019 مسيرة بروتردام وأخرى ببرشلونة .وبما أن قادة الجمهوريين حجوا لروتردام،فقد اتخذو لمسيرتهم شعار:"لسنا مغاربة".واختاروا للافتة مقدمة المسيرة عنوان:"الريف ليس المغرب"، مع التشطيب على صورة الملك والعلم الوطني.
ووصل طقس الاستفزاز مداه ،لما  تم طرح ملصق على الأرض يحمل صورة الملك والعلم الوطني ليقع التناوب في الدوس عليه.وكان عبد الصادق بوجيبار قد أعاد نشر فيديو جلده وبكيفية هستيرية لصورة الملك .والملاحظ أن هذه المسلكيات العدوانية تجاه الرموز الوطنية،لم يستنكرها لا الزفزافي الأبن ولا الأب.بل نجد الأبن فيما نقل عنه الأب "يحث الدياسبورا على التكتل والمزيد من الصبر لإنقاذ الريف".كما أن الأب قبل هذه المسيرة وهو يدعي  البحث عن المخاطب"المجهول"، يعلن أنه اهتدى بعد قراءة الدستور إلى مخاطبه.وأنه سيتوجه إليه.لكنه أعلن بعد هذه المسيرة -وهو يدعو الأحزاب إلى مسيرة الرباط- أنه بعد أن خاطب الجهات العليا بلا جدوى سيخاطب الآن الشعب،علما أنه ما زلنا ننتظر مخاطبته هذه الجهات،والحال أنه في العرف السياسي عندنا،أن الذي يخاطب الشعب هو الملك،أما باقي الوسائط فتخاطب المواطنين من موقع مختلف أوجه التأطير والتواصل .
ب- واختار"الديموقراطيون" تنظيم مسيرة بدينهاخ، في 20 أبريل،في مناخ دعوة بعض رموز منتسبيهم إلى الحكم الذاتي بالريف،فتم الخروج عن منهجية التقيد بسقف الملف المطلبي.وقد حملت هي الأخرى لافتة:"الريف ليس المغرب"،كما تم التشطيب على صورة الملك،ورفع شعارات مناوئة للملكية.وقد سبق أن قلت في مناسبة سابقة أن كلا التيارين تتوزعهما تركة حركة 18 شتنبر لاستقلال الريف.وبهذا يكون حراك الريف في أوروبا قد انفصل عن الملف المطلبي.
ج-أما مسيرة الرباط في21 أبريل،فبالرغم من أهميتها في الدفع في اتجاه الحل السياسي لملف الحراك،فإنه قد شابتها شوائب ،من قبيل شعارات:الشعب يريد إسقاط النظام"،و"المخزن دار جريمة،قتل شعبو في الحسيمة"..و تصريحات "سفير" تماسينت،أحمد الخطابي،ضد ما أسماه بالدكاكين السياسية ،وبالغزاة ،و بالمستعمرين.فالأمر لم يقف عند الدكاكين السياسية،التي يعتبرها الجمهوريون أحزاب "الاحتلال العلوي" للريف،بل وصل إلى التصريح  ب"الغزاة" و"المستعمرين"،وهذا ينطوي على قدر من الخطورة،رغم أن أحمد الخطابي ليس على أتمه.
كما أن استجابة الأستاذة نبيلة منيب لدعوة الزفزافي الأب إلى مسيرة أخرى بالحسيمة، تحمل على التأكيد بأن الحسيمة ليست بحاجة لمسيرة،بل هي في حاجة لدينامية أخرى من أجل سراح المعتقلين.وهي الدينامية التي يناهضها الزفزافي الأب لأغراض امتزج فيها ما هو  شخصي،بحسابات في ضمن حلقاتها،يوجد الأستاذ جمال المحدالي-الذي لم أفقد الأمل بعد،في الرهان  على حكمته-وجمال الكتابي بهولاندا.
وبالجملة،فإن مطلب إطلاق سراح المعتقلين يتطلب تعزيز الدور التحكيمي للملك.وهذا بالطبع له مقتضاه في منهجية اشتغال لجنة الحسيمة،وتفاعل المعتقلين،والعاقبة للتقوى!