مصطفى المتوكل الساحلي : "اللهطة " عدوة الشعب تتواطأ مع سعد الدين العثماني في رمضان

مصطفى المتوكل الساحلي : "اللهطة " عدوة الشعب تتواطأ مع سعد الدين العثماني في رمضان مصطفى المتوكل الساحلي

ما أن يقترب شهررمضان حتى يتجند الجميع، كل حسب طاقته ومستواه المادي وانتمائه الطبقي إلى المشاركة في مسابقة ليست من فلسفة رمضان ولا من سياسة ترشيد الإنفاق في الدين، وكل المذاهب في كل الشرائع والرسالات السماوية، حيث تشهد فضاءات الأسواق المختلفة التقليدية والعصرية والشعبية وحتى التي لا يلجها إلا الخاصة ممن لا تهمهم الأثمنة وإن بلغت الحد الأدنى لأجر الموظف بالوطن في "تسويقة واحدة ". ويتسابق التجار الكبار والمتوسطون والصغار والباعة الجائلين والفراشة والعديد من فئات المجتمع التي تبدع وتجدد في صناعة منتوجات منافسة لما هو معروض بالواجهات الراقية والبسيطة و بأثمنة أقل، تستقطب الفقراء والمساكين وأصحاب الدخل الضعيف هربا من الغلاء ليعمدوا إلى نفس السلوك الذي يسميه العامة ب "اللهطة "، بطعم الكدح تجهز على ما جمع من دريهمات بكد وجهد عظيم في جزء من ساعة من نهار . وهذه البدائل التجارية الشعبية تستفز وتغضب الذين يؤدون الضرائب والأكرية وأجور العمال بمحلاتهم لأنهم يرون بأن ذلك مزاحمة غير مشروعة لهم تضاف إلى ثقل الضرائب والرسوم الجبائية وفوترة الكهرباء والماء والكراء، وأجور المساعدين ، وكذا الاحتكار الذي يمارسه بعض من الكبار والمضاربين مما يجعل الأسعار قياسية تلحق الخسائر الجسيمة بالناس الذين ابتلوا بإنفاق زائد عن اللزوم والحاجة ، كما تكشف عن عدم قدرة الحكومة على تنظيم السوق و الأثمنة وضمان الوفرة ..

إن هذا الشهر المبارك الذي يهدف إلى جعل الجميع يعيش حالات الجوع والعطش والامتناع عن الأكل للشعور بحالة الفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم طوال سنوات هي عندهم عجاف تحول إلى شهر يتنافس فيه الناس على إفراغ الشهر من معانيه ودلالاته كما أفرغوا جيوبهم وأرهقوا طاقاتهم وقدراتهم المحدودة .

إن هذا التنافس المخالف لدروس الصيام ينخرط فيه بنسب لا يستهان بها المسؤولون وخاصة منهم المهتمين بالسياسات العمومية وكذا البعض من المنظرين للتنمية البشرية والاقتصاد الإجتماعي و... وحتى من الذين يقدمون الوعظ والإرشاد ولا يبخلون على الناس بالنصح والاستدلال بالأحاديث وسير السلف الصالح ..

فأين يكمن الخلل ؟ الظاهر أننا أمة توهم نفسها بأنها تستطيع مجاراة بعض الأثرياء في إسرافهم وإنفاقهم وتبذيرهم بما يتناسب مع دخلهم الهزيل والمتوسط ، فينفق الفقير كل ما يملك ويثقل كاهله بديون فيكون ضحية للسياسات اللاشعبية وضحية ل "لهطته".