العثماني: أيها المهربون أنا في خدمتكم!

العثماني: أيها المهربون أنا في خدمتكم! عبد الرحيم أريري
«للي بغا يسرق الجامع خاصو يحفر للصومعة»!

هذا المثل ينطبق بامتياز على حكومتنا التي بدل أن تتوجه إلى مصدر الداء مباشرة تقوم باستبلاد المغاربة. إذ بدعوى تحسين المدخول الضريبي، تحرص السلطات على تنظيم ندوات وموائد حول السياسة الجبائية وكيفية تطويرها، والحال أن الحكومة لا تقوم إلا بإحداث ثقب كبير في الخزينة العامة لإنهاك الموظف الصغير والمتوسط وإرهاق المستهلك بضرائب مجحفة.

وإليكم الحجة على الملايير التي تضيع عن خزينة البلاد بسبب تفاقم تهريب سلع «الشينوا وتركيا» عبر بوابة الجنوب المغربي لإغراق السوق بمواد مضرة بالمقاولات المغربية من جهة، ومضرة بالصحة العامة من جهة ثانية ومضرة بخزينة المغرب من جهة ثالثة.

فشاحنة واحدة محملة بمواد التهريب القادمة من موريتانيا عبر الكركرات تحمل بين 18 و20 طن من مواد النسيج المهربة، أي ما بين 18000 و20 ألف كيلوغرام.

وحسب الخبراء في المجال، استأنست بهم «الوطن الآن» و«أنفاس بريس»، فإن ثمن الكيلوغرام الواحد من النسيج المستورد بشكل قانوني وشرعي يساوي بين 65 و75 درهم للكيلو، أي أن الحاوية تحمل شحنة تساوي بين 1.170.000 درهم و 1.500.000 درهم.

المستورد القانوني يسدد ضريبة تساوي 10 في المائة من القيمة المالية للحاوية تضاف لها الضربية على القيمة المضافة (20 في المائة) فيصبح المجموع المستحق للخزينة العامة هو 30 في المائة من الكلفة المقدرة.

أي أن الشاحنة الواحدة المحملة بحاوية ذات 18 طن (1.170.000 درهم كسلع) يسدد عليها المقاول القانوني كضرائب 351.000 درهم عن كل حاوية. في حين أن الشاحنات المهربة والقادمة من الكركرات لا يسدد عنها المهرب شيئا للخزينة العامة.

وإذا افترضنا جدلا أن هناك 30 شاحنة تهرب إلى المغرب كل يوم، فمعناه أن العدد المهرب كل شهر هو 900 شاحنة. أي أن الخزينة العامة للمغرب تخسر شهريا ما يقرب من 316.710.000 درهم (31 ملايير و671 مليون سنتيم شهريا)، وهو ما يقود إلى خسارة ضريبية كل عام تقدر بحوالي 3.680.520.000 درهم (368 مليار سنتيم).

من هنا وجاهة السؤال: من المستفيد من التغطية والتستر عن مافيا تهريب سلع الشينوا وتركيا إلى المغرب من الكركارات؟! من المنتفع من هذه العائدات المالية الضخمة جدا؟

هل يعقل أن نضحي بمصلحة بلد كي ينتفع حفنة من الأشخاص المهربين؟ أيجوز الاستمرار في ترويج خطاب النهوض بالصناعة المغربية وتبني سياسة التسريع الصناعي ونحن نعاين تواطؤ السلطات مع المهربين لاغتيال صناعة النسيج المغربي وهي الصناعة التي تؤمن الشغل لعشرات الآلاف من المغاربة فضلا عن جلبها للعملة الصعبة بفضل الصادرات؟!

ليس هذا وحسب، بل إن السلع المهربة التي تروج في السوق المغربي بمبرر أنها رخيصة، لا تخضع لأي مراقبة صحية حول محتوى تكوينها بحكم احتوائها على مواد محظورة دوليا تسبب أمراضا جلدية وسرطانية من قبيل AZOIQUE- NICKEL FREE - Free Formaldehyde Level

لكن يظهر أن حكومتنا لا تهمها لا صحة المغاربة ولا مصير المقاولة المغربية ولا خزينة المغاربة.

فبئس لأمة تأكل ما لا تزرع وتلبس ما لاتصنع!.