ربما لم يهبط مؤشر السجال المهني من ذي قبل إلى هذه الدرجة من الإسفاف، لكنه اليوم يوشك أن يثقب القاع، ويشق غشاء الحضيض، ونحن نرى أن منا وفينا من اختار طوعا وطمعا أن يلعب أدوارا "غير مهنية"، بعيدة عن شرف ونبل المحاماة، و يوهمنا أنه هو وحده العالم والمتعالم والحاذق الفاهم والفهيم والمتبصر الماهر الفطن.. الذي يرى ما لا نراه، لكنها في نهاية الأمر لا تعدو أن تكون أعراض حمى الكراهية والغل، بعين حاسد إذا حسد..
إن المحامين الذين رشقوا البيان العام، وهو بيان لم يدع إلى رذيلة ولا إلى كبيرة، بقدر ما أصر على إطلاق سراح معتقلي كافة الحراكات من الحسيمة إلى جرادة مرورا بزاكورة، إنما يفرغون قيء أحقاد فكرية فوق ثوب المحاماة الطاهر، وقد أعماهم "خمر الإيديولوجية" ليرشقوا بيان المحامين بحجارة طائشة، حتى اعتقدت أننا في دولة "مصر الحبيبة السليبة"، التي بات فيها كل أنين للمواطن المصري "الغلبان" يوصف بأنه مجرد صوت "الإخوان"، وليهنأ أعداء الإخوان بدستورهم الجديد الفريد، الذي وضع الدولة المصرية في جيب الجيش، وباتت دولة الجيش بدل جيش الدولة المصرية، جيش فوق القضاء وفوق الدستور وفوق القانون المصري، فهل من دولة كلمة عساكرها تسري على قضاتها!؟ ورحم الله قرارات محكمة النقض المصرية، فقريبا سيختمها الجنرالات..
لست "إخوانيا "، ولا من قبيلة "العدل والإحسان"، حتى أعفي "عبدة الإيديولوجية "، من كل تصنيف، أقول قولي هذا وأشهد أنه تسربت إلى مهنة المحاماة كائنات منها حديثة النشأة مهنيا، ترى أن بدلة المحاماة تصلح لأن تكون درعا واقيا لها وهي تشعل فتائل حروب الانتقام والسخط وسلاطة اللسان بغية الثأر ل"ملك زال"، وآخرون يقْربُون المحاماة وهم سكارى فكر العداء والنقمة، وثالثون يحشرون أنفسهم في زوايا ضيقة حين ينبرون للدفاع والحديث بلسان من لم يوكلهم بذلك، متناسين أن الصفة من النظام العام، وأنه إذا كان الكي في الخيل فما يضير البغال.. وأنه إذا كان المحامون والمحاميات يستظلون بظل جمعيتهم فهل بات بعض من الثمار تتمرد على الأشجار؟
ألا إن تسفيه عقول أسرة الدفاع وعلى لسان قلة من أبنائها هو "عقوق مهني" ..