وتساقط الطغاة تباعا.. كما تساقط جدار برلين .. كما تساقط فرعون وقيصر وكسرى.. كما تتساقط أوراق التوت في باحات الربيع الساكن.. ساقوا الشعب كما تساق القطعان .. وأحكموا القبضة عليه باسم الثورة و الحرية.. باسم الوحدة والقومية.. باسم الجمهورية والجماهيرية.. وعضوا على الكراسي البرونزية بالنواجذ.. وبنوا المجد والسلطان بالقهر والطغيان.. وأعلنوا الحرب على من يتمرد ويعلن العصيان.. وصار الشعب قصيدة بلا عنوان.. وأضحت الجماهير"كومبارس" يؤثث البنيان..
وصلوا إلى القمة باسم الشعب.. على أكتاف الشعب.. وبنوا عروشا وبيوتا من عاج وقالوا بغباء .. نحن ومن بعدنا الطوفان .. نحن المجد .. نحن السلطان.. نحن الأسياد وأنتم القطعان والجرذان .. ظنوا بغباء .. أن الشعوب ماتت .. وأن الأوطان الجريحة تحجرت.. ولم يظنوا أبدا.. أن الشعوب المعاقة ستنهض من تحت الرماد .. لتحول ربيعهم الساكن إلى ربيع جارف.. يتعـقبهم كالكوابيس المزعجة .. دار دار.. بيت بيت .. زنكة زنكة..
ظنوا بغباء أن الشعوب "خرفـان" يتحكم في حركاتها وسكناتها القبطان.. وتناسوا أن الشعوب "بركان" شرس إذا ثار.. لا ينفع معه قهر ولا حديد ولا نار .. وتجاهلوا ويتجاهلون أن الخسران لكل من عبث بالأمانة وخان .. وأن "كل من عليها فان .." مهما كان وكان...