في سابقة بالمحكمة.. إيداع متهم بمصحة نفسية صفع زوجته بوجدة

في سابقة بالمحكمة.. إيداع متهم بمصحة نفسية صفع زوجته بوجدة
في سابقة تعد الأولى من نوعها، صدر مؤخرا عن المحكمة الابتدائية بوجدة أول حكم يقضي بإيداع متهم في قضية عنف زوجي في مؤسسة للعلاج النفسي، كأحد التدابير التي تضمنها قانون محاربة العنف ضد النساء الذي دخل حيز التنفيذ مؤخرا.
 
ملخص القضية
تعود فصول القضية إلى تاريخ 07 يونيو 2018 حينما تقدمت زوجة بشكاية أمام خلية التكفل بالنساء ضحايا العنف بالمحكمة الابتدائية بوجدة ضد زوجها. وعند الاستماع إليها في محضر قانوني من طرف رئيسة الخلية، أكدت أن زوجها عرضها للعنف داخل بيت الزوجية، وأدلت بشهادة طبية تتضمن 20 يوما من العجز.
وبعد فتح بحث في مضمون الشكاية بناء على تعليمات من النيابة العامة؛ استمعت الشرطة لزوج المشتكية الذي أكد أنه دخل في خلاف مع زوجته، جعله يوجه لها صفعة على مستوى وجهها كرد فعل منه على محاولتها ضربه بواسطة مقلاة.
وبعد تقديم المتهم أمام النيابة العامة في حالة سراح، أكد تصريحاته المدلى بها في محضر الشرطة، وقررت النيابة العامة متابعته في حالة سراح من أجل جنحة الضرب والجرح في حق الزوجة طبقا للفصلين 400 و404 من القانون الجنائي.
وأدرجت القضية للمحاكمة في عدة جلسات تخلف المتهم عن حضورها رغم سابق الإعلام، وحضرت المشتكية التي أدلت بتنازل مكتوب لوقوع صلح بينها وبين زوجها، وتمسك ممثل النيابة العامة بالإدانة.
بتاريخ 08 يناير 2019، أصدرت المحكمة الابتدائية بوجدة قرارها في القضية، وقضت بإدانة المتهم من أجل ما نسب إليه، ومعاقبته بغرامة نافذة قدرها خمسمائة -500- درهم، وبخضوعه لعلاج نفسي ملائم لمدة 06 أشهر بمستشفى الصحة النفسية (المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس) بوجدة، مع تحميله الصائر وتحديد مدة الإجبار في الحد الأدنى.
ملاحظات حول الحكم
يعتبر هذا الحكم من بين أول التطبيقات القضائية لقانون العنف ضد النساء بالمغرب الذي دخل حيز التنفيذ في شتنبر 2018؛
رغم أن فصول القضية ابتدأت قبل دخول قانون العنف ضد النساء حيز التنفيذ، حيث وقع فعل العنف الزوجي بتاريخ 03/06/2018 إلا أن المحكمة طبقت قانون العنف عليها، اعتبارا لكون التدابير الجديدة التي أقرها قانون 103.13 تعتبر من بين المقتضيات الاجرائية التي تطبق بأثر فوري.
كغالبية الأحكام القضائية الصادرة في شكايات العنف الزوجي، وقع صلح بين الزوجين وقدمت المشتكية تنازلها عن القضية، إلا أن النيابة العامة تمسكت بالمتابعة، ولم تلتمس إيقاف سير الدعوى العمومية لوقوع صلح رغم أن القانون يخوّلها هذا الحق. ولعل السبب في ذلك تطبيق قاضي النيابة العامة لمنشور رئيس النيابة العامة المتعلق بقانون العنف ضد النساء والذي حث فيه قضاة النيابة العامة على إعمال القانون الجديد لزجر جرائم العنف ضد النساء.
رغم أن المحكمة الابتدائية قررت تمتيع المتهم بظروف التخفيف بعدما اعتبرت أن العقوبة المقررة في القانون لجريمة العنف الزوجي "قاسية"، واكتفت بمعاقبة المتهم بغرامة مالية، إلا أنها قضت وفي سابقة غير مألوفة في معالجة مثل هذه القضايا، بإخضاع المتهم لعلاج نفسي ملائم لمدة ستة أشهر بمستشفى الصحة النفسية، وحددت اسم المستشفى لضمان تطبيق التدبير، وهو ما يعني تجاوزا للنظرية التقليدية في معالجة جرائم العنف ضد النساء والتي تقتصر على "الزجر"، وإعمالا لمقتضيات القانون الجديد الذي تضمن أيضا تدابير لعلاج وإعادة تأهيل الشخص المدان.
من آثار هذا الحكم، أن المتهم سيكون ملزما بالخضوع للعلاج النفسي حيث يعد الطبيب المعالج تقريرا عن تطور حالته، كل ثلاثة أشهر على الأقل، ويوجهه إلى قاضي تطبيق العقوبات للتأكد من تحسن سلوكه وتفادي عودته إلى نفس الأفعال التي أدين من أجلها. واذا استقر رأي الطبيب المعالج على إنهاء هذا التدبير قبل الوقت المحدد له فإنه يخطر قاضي تطبيق العقوبات بواسطة تقرير مفصل بذلك، حيث يتم اشعار الضحية بالقرار.
أما في حالة رفض المحكوم عليه الامتثال لقرار خضوعه للعلاج النفسي فإنه سيكون معرضا للملاحقة القانونية حيث يعاقب قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء بعقوبة حبس قد تصل إلى سنتين وأو بغرامة مالية.