رشيد هاوش: لهذه الأسباب يجب فصل السياسة عن المدينة لإنجاح مشروع المدينة الذكية

رشيد هاوش: لهذه الأسباب يجب فصل السياسة عن المدينة لإنجاح مشروع المدينة الذكية رشيد هاوش، و مشهد لمدينة الدار البيضاء

طرح رشيد هاوش، مهندس معماري عمراني، ومنظري وخبير في البيئة، خلال مشاركته في البرنامج الحواري "avec ou sans parure" الذي بثته مساء اليوم الثلاثاء 9 أبريل 2019 إذاعة luxe ؛وخصص موضوعه لـ " الدار البيضاء، مدينة ذكية " قضايا جوهرية تتعلق من جهة بإشكالية تحديد الهوية المرتبطة بأية مدينة؛ و من جهة ثانية إقصاء الدور المواكب والفاعل المهندس المعماري في مشروع المدينة الذكية "أنفاس بريس" اتصلت برشيد هاوش، وأجرت معه الحوار التالي: 

*لقد اقترحت فصل السياسة عن المدينة ، هل يمكنك شرح أسباب ذلك ؟

** أن نشأة المدينة وتطورها تتم عبر التاريخ ؛وبالتالي فالزمن يبقى عاملا أساسيا في إنتاج المدينة وتكوينها ثقافيا وحضاري وعبر الفترات والأحقاب حتى "تشد راسها"- كما يقال- ومن هنا ينبغي أن نعرف لماذا ما زالت المدن الجديدة متعثرة ؟ لأنها تفتقد إلى مقومات تاريخية وثقافية ؛ ولهذا فصناعة مدينة ما نبتدئ بالبحث عن نواة لها تاريخ معين في شكل دوار أو زاوية أو مدشر، مثلا، و تظل النواة تكبر حتى تصير في حجم المدينة التي تأخذ اسم النواة، بل ووظيفتها التي تميزت بها تاريخيا سواء دينيا أو تجاريا أو سياحيا أو غير ذلك من الوظائف والتي تساعد على استقرار السكان واندماجهم؛ وبالتالي تكوين الهوية والشخصية المميزة للمدينة وسكانها الذين ينتسبون إليها في آخر المطاف.

لكن ما يلاحظ اليوم في تدبير المدن عندنا هو الاستعمال السيئ لمفاهيم كمفهوم الديمقراطية؛ حيث أن بعض المنتخبين يوظفون هذا المفهوم لأغراض انتخابية بالدرجة الأولى؛ وذلك عبر اقتراح وإنجاز مشاريع المدينة التي تخدم قاعدتهم الانتخابية في الفترة التي تستغرقها ولايتهم خلال ست سنوات كالعمدة مثلا؛ وبالتالي فالقاعدة أصبحت هي هدم ما برمجه العمدة الذي سبقه، فيقوم في البداية كما وقع بطرد وإبعاد الموارد البشرية بالجماعة لأنه يعتقد أن تواجدها من شأنه أن يخدم منافسيه السياسيين؛ و يعترض على مشاريع أجندته الانتخابية؛ ويظل العمدة يعمل طيلة ولايته على الأعداد لولاية مقبلة وهكذا دواليك.

و بطبيعة الحال فهذا الأمر الملاحظ يفقد المدينة تاريخها واستمرار توهجها وتراكمها الحضاري الذي من المفروض أن يؤسس على إستراتيجية واضحة المعالم وطويلة المدى.

واستحضر هنا كيف أن المشرع الفرنسي فصل بين السياسي والمدينة؛ بحيث جعل من باريس الكبيرة Le grand Paris أو كيف ستطل باريس في أفق 50 سنة على البحر مشروعا استراتيجيا ؟ ويفرض على أي سياسي الالتزام باحترام هذا المشروع الاستراتيجي والعمل على انجازه ، فهو لا يخضع لمزاجية السياسي لأنه مشروع يدخل في إطار المصلحة العامة .

* لقد أثرت خلال النقاش استغرابك لإقصاء المهندس المعماري من المشاركة في المخطط الاستراتيجي الرقمي للدار البيضاء كمدينة ذكية ، كيف ذلك ؟

** لقد طرحت السؤال على ممثل الجهة المنظمة حول إقصاء وتغييب المهندس المعماري من المشاركة في مخطط الإستراتيجية الرقمية للمدينة الذكية الذي ستقوم هذه الجهة بعرضه خلال اللقاء المقرر أيام 17 و18 أبريل 2019.

ولكن سؤالي ظل بدون جواب؛ ويدعون مع ذلك بأنه تم استدعاء هيئة المهندسين المعماريين للمشاركة في هذه الخطة ؛ بينما هذا لم يتم وكانت الهيئة مستعدة للمساهمة بشروح وافية بحكم اختصاصها وعلاقتها الوطيدة بالمجال وبالمدينة وتشعباتها؛ ومن الأكيد أننا سجلنا اختلالات في النظم الرقمية في مجال طلب رخص البناء ولنا اقتراحات لمعالجتها؛ فكيف تطلب رخصة ولا تسلم إليك  إلا بعد " ستة  أشهر" بينما في دول أخرى تسلم مثل هذه الرخص في 48 ساعة.