عرف قصر "ريدوطو" التاريخي بمدينة تشيزينا جهة إيمليا رومانيا الإيطالية مشاركة بناءة للفاعلين الجمعويين المغربيين ياسين بلقاسم، المنسق الوطني لشبكة جمعيات الجالية المغربية بإيطاليا، وبنصادق عبدالله، المسؤول الوطني لجمعية مغرب التنمية بإيطاليا، أول أمس الأربعاء 27 مارس 2019 في لقاء نظمه معهد أبحاث المقاومة وجامعة بولونيا - بونطو أوروبا لمدينة فورلي وبتعاون بلدية تشيزينا، تحت عنوان مثير "القضية الصحراوية والدولة الوهمية في الصحراء الغربية".
وتندرج المبادرة في إطار "جرد نشر البحث العلمي والتفكير العمومي" الذي اختار له المنظمون شعار: "في العالم الشاسع ... مآسي إنسانية، بوادر العنف والأزمات السياسية في المشهد الدولي الحالي"، الذي يجمع بين تقارير الباحثين، وشهادات العاملين في ميدان التوثيق المكتوب والسمعي البصري.
وجدير بالذكر أن شبكة جمعيات الجالية المغربية بإيطاليا والفضاء المغربي الإيطالي للتضامن وجمعية مغرب التنمية قد تلقوا دعوة المشاركة من طرف المنظمين في هذا اللقاء التواصلي.
بعد تقديم اللقاء من طرف الأستاذة إنيس بريكانتي، رئيسة معهد البحوث التاريخية لفورلي تشيزينا، تم عرض لقطات من روبورتاج "شعب الصحراء" الذي أنجزه الصحافي الإيطالي أميديو ريكوتشي في مخيمات تندوف بالجزائر وأضاف إليه مقتطفات من استجواب متميز للسفير المغربي بإيطاليا حسن أبو أيوب حول الصحراء المغربية والتطورات التي عرفتها.
وأشارت الأستاذة جوليانا لاصكي بجامعة بولونيا فرع فورلي إلى أن "نزاع الصحراء عمر طويلا" و"أن الأمم المتحدة عجزت على حله لحد الآن". وبخصوص الوضعية في مخيمات تندوف فقد أكدت أن الصحراء عبارة عن ممر دولي وتلاقي جميع أنواع الأنشطة الإجرامية ليس فقط "تهريب المخدرات".
أما الأستاذة جوليا أولمي منسقة مشاريع إنسانية في الرابوني بإسم اللجنة الدولية لتنمية الشعوب، وهي جمعية إيطالية، فقد عبرت عن أسفها للوضعية الإنسانية المزرية في المخيمات كنقص الماء والغذاء والأمراض وأكدت انتشار المخدرات على نطاق واسع وفقدان الأمل عن الشباب.
من جهته، انطلق الفاعل الجمعوي ياسين بلقاسم من عنوان اللقاء "الدولة الوهمية"، وإطاره العام، موضحا أن "الجمهورية الوهمية التي تفتقد إلى الشعب والإقليم والسيادة والإعتراف توجد بالضبط داخل الجمهورية الجزائرية وليس في الصحراء المغربية كما تروج بعض الأوساط في إيطاليا". وصحح الفاعل الجمعوي والباحث في شؤون الصحراء محاولة الأستاذة لاصكي القفز وممارسة الغموض في تدخلها على فترة مهمة في تاريخ تصفية الإستعمار عندما طالب المغرب عام 1963 من الأمم المتحدة التعجيل بإنسحاب إسبانيا من الصحراء المغربية، مضيفا أنه في "تلك الفترة لم تكن توجد لا الجزائر ولا تنظيم البوليساريو". وأوضح أن استرجاع الصحراء تم أيضا بناءا على "الإتفاقية الثلاثية المبرمة بين القوة المحتلة إسبانيا من جهة والمغرب وموريتانيا من جهة أخرى، وأن "الاتفاقية لم تكن سرية" كما ذهبت الأستاذة لاصكي، بل تلك الوثيقة "مسجلة لدى هيئة الأمم المتحدة".
وبخصوص الوضعية المأسوية لساكنة المخيمات مع الحرمان من التغذية والماء والعمل والسكن والتطبيب والأمن، أكد الفاعل الجمعوي أن "المسؤولية تقع على عاتق الجزائر التي، من جهة، لا تحترم كرامة وحقوق هؤلاء "اللاجئين" كما تنص عليه اتفاقية جنيف حول اللجوء، ومن جهة أخرى تمد الإنفصاليين بالسلاح".
وذكر بإختطاف الإيطاليتين، المتعاونة روصيلا أورو من الرابوني من طرف حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، والسائحة مارية صاندرا مارياني في جنوب الجزائر من طرف زعيم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، عدنان أبو وليد الصحراوي المنحدر من نفس المخيمات.
وتنويرا بمستجدات القضية الوطنية فقد اطلع الوفد المغربي المشاركين على الاجتماع الوزاري الذي جمع 37 دولة إفريقية بمراكش يوم الإثنين الماضي والذي أكد دعم جهود الأمم المتحدة وحصريتها في النظر في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية وفق قرار مجلس الأمن 2440.
وتماشيا مع مطالب مغاربة إيطاليا بالحوار مع المؤسسات الإيطالية وقناعات المغرب لطي ملف الصحراء نهائيا طالب الفاعلان الجمعويان تنظيم يوم دراسي علمي متعدد الأبعاد داخل الجامعة للتعريف بوجهة نظر المغرب ومبادرة الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب إلى الأمم المتحدة.