الحسن زهور : المقرى ابو زيد و العرقية المغلفة بالدين

الحسن زهور : المقرى ابو زيد و العرقية المغلفة بالدين الحسن زهور كاتب وباحث
 

كيف يمكن للدعوة الى الصفاء  العرقي أو الى التفوق العرقي ان تفتح ابواب الارهاب ليحصد ارواح الابرياء ؟
كيف يمكن تبرير هذه الدعوة العرقية اذا صدرت من زعيم سياسي او من داعية ديني او من مهووس ما بدعوى سمو عرقه على باقي الاعراق؟
هل يمكن تبريروتفسير هذا الهوس الداعي الى نبذ الآخرواجثاثه بمرض نفسي للمهووس اوبشوفينية ايديولوجية المهووسة القائمة على التفوق العرقي؟

فلنا امثلة من التاريخ القريب لهذا الهوسالعرقي اوالديني وللفظائع التي ينتهي اليها مما عرفته و تعرفه الانسانية من مآس، و آخرها ما قام به الإرهابي المهووس بنقاء عرقه في نيوزيلاندا في حق ابناء وطنه المختلفين عنه عرقيا ودينيا.
الاخطر في الإيديولوجية المضمرة للعرقية ان يتبناها رجال الدين و الدعاة المنظرون لهذه الإيديولوجية الدينية فتنسل من لاشعورهم النفسي و من لاوعيهم الايديولوجي على شكل كلام، او نكتة انفلتت من عقالها بدون وعي لأن اللاوعي تسلل من فجوة بمعزل عن رقابة الوعي، فتبخس هذه الإنفلاتة قيمة الآخروتحتقره انطلاقا من تصنيفه عرقيا. و الأدهى ان يميز المنظر الإيديولوجي والداعي الديني عرقه عن عرق آخر داخل وطنه ( كما اوحى له ذلك وهمه الإيديولوجي) و كأننا هنا امام عرقين مختلفين يتسلح فيه المهووس بسلاح الدين انطلاقا من وظيفته الدينية.! !
فما قام به مؤخرا فرعا العدالة والتنمية لمدينتي تزنيت و الدشيرة باكادير باستدعاء "مفكرهم" السيد المقرى ابي زيد لإلقاء محاضرته حول "لغة التعليم بالمغرب" نكأ الجراح التي نسيها الأمازيغ (و كل المغاربة امازيغ ثقافة و حضارة ) حين وصفهم المقرئ ابو زيد بعرق آخر "عندنا في المغرب تجار من عرق معين.." ليصنف نفسه ضمنيا ضمن عرق  آخر يتصف بالسمو و التعالي مقابل عرق آخر بخيل ( حسب اوهام المقرئ الإيديولوجية العرقية).
كان على فرعي الحزب في المدينتين احترام الساكنة و عدم استفزازها باحضار الفقيه الموصوف ب" المفكر " صاحب النكتة العرقية التي استفزت المغاربة في هويتهم، و لا يمكن تبرير هذا الاستفزاز من طرف الفرعين الا امرين:
اولهما ايديولوجية التفوق العرقي في الفكر الإيديولوجي لهذا الحزب، وترشح بما فيه سقطاته الكلامية والنفسية المنفلتة في خطابات زعيمه: " باش كاع كايفطر هاذ الشلح.. آش هاذ الشينوية...".
ثانيهما التحدي المرضي المعتمد على قوة الاتباع الذي يتباهى به بعض قياديو الحزب حين يتوهمون بتصدر المشهد السياسي و الانتخابي، و هو ما يدخل ضمن عقدة وهم التفوق مما يدفع الحزب الى ان يعيش صراع التفوق يدخله في صراع مع اغلب الأحزاب ،و التيارات الأخرى ،و كأننا امام دون كيشوت سياسي جديد اوهمه ضعف المشهد السياسي بتفوقه و بعظمته، مع ان ابسط ابجديات الفكر السياسي تقول ان أي مشهد سيتغير بتغير الظروف؛ و يعرف حزب العدالة و التنمية ان قوته الإنتخابية تكمن في مقاطعة او لامبالاة الناخبين الشباب و  المتعلمين لعملية التصويت، اذ كلما قاطع هؤلاء كلما تقوت حظوظ الحزب الإسلامي في الفوز، و هو ما نراه من مسرحية تبادل الأدوار بين الإسلاميين، فحركة العدل والاحسان تدعو ظاهريا إلى مقاطعة الإنتخابات، و في الوقت نفسه ينتخب اعضاؤها مرشحي العدالة والتنمية تطبيقا للقاعدة " بقدر ما يكثر عدد المقاطعين بقدر ما يكثر عدد الفائزين من الإسلاميين".
اذا كان على مسؤولي الحزب في مدينتي تيزنيت و الدشيرة مراعاة مشاعر الساكنة و عدم استفزازها باستدعاء من نعت الامازيغ ب " عندنا في المغرب تجار من عرق معين .. مشهورون بالبخل"، مفرقا بذلك ساكنة هذا الوطن الى عرقين: عرق المقرى ابو زيد وهو في ضيافة عرقه الآخر الخليجي (نكتته العرقية سردها امام اخوانه السعوديين كما سماهم)، وعرق آخر مختلف وهم الامازيغ كما ورد في نكتة المقرئ ابو زيد العرقية.
فلو سرد المقرئ هذه النكتة العنصرية بين اخوانه لهان الامر حيث سندخلها في"حريرتنا هاذيك"، لكن ان يسردها امام الخليجيين ليضحكهم بها متهكما من ابناء وطنه الذي صنفهم المقرى في "عندنا في المغرب تجار من عرق معين" فتلك هي الكارثة المتولدة من فكر ايديولوجي عرقي لن يولد الا الكوارث لا قدر الله.
فالعرقية او الطائفية اوالإيديولوجيات المغلفة بالدين هي اخطرالإيديولوجيات المهددة للاوطان وللبلدان التي تتناسل فيها الاحزاب المتبنية لها والقائمة على الإحساس بالتفوق العرقي اوالديني، ولنا امثلة في البلدان التي تنتشر فيها هذه الايديولوجيات.  
ومن المدينتين رجع السيد المقرى ابو زيد وبه غصة افسدت عليه ولى حزبه نشوة التحدي والاستفزازاذ لقنتهما الساكنة، بالاحتجاج الشديد الذي قوبل به رفضا للفكر العنصري الذي يحمله المقرئ، درسا في الوطنية وفي تامغريبيت.
نحن هنا يا سيد المقرئ في المغرب بلد العراقة الحضارية و الثقافية التي تمتد عشرة آلاف سنة ولسنا في بلد خرج من توه الى الوجود.
فلعلك فاهم  درس الوطنية التي لقنه لك المحتجون وآخذ به، فتعلم معنى الوطنية يا فقيهنا المغربي ذا العقلية الحجازية.