مبارك كنوني: محمد البوعناني يعيش اليوم وحيدا يعاني المرض والإملاق

مبارك كنوني: محمد البوعناني يعيش اليوم وحيدا يعاني المرض والإملاق مبارك كنوني ومحمد البوعناني

 هو محمد عبد السلام بن العربي البوعناني، ولد عام 1929 في مدينة أصيلة. حفظ القرآن في الكتاب، وبعد أن أنهى الدراسة الابتدائية انتقل إلى تطوان فأنهى دراسته الثانوية، ثم التحق بالمدرسة العليا للمعلمين وتخرج منها سنة 1950.

لقد  ظهرت موهبة الأستاذ البوعناني الشعرية في وقت مبكر، وبدأ ينشر قصائده في نهاية الأربعينيات بالمجلات المغربية وفي العديد من الصحف العربية الأخرى. عمل مدرسا بالريف، ثم تطوان، ثم جذبته الإذاعة فترك مهنة التعليم ليعمل بالإذاعة المغربية بالرباط، ثم بالقسم العربي لإذاعة باريس. وبعد استقلال المغرب التحق مرة أخرى بإذاعة المملكة المغربية كرئيس للبرامج. تولى رئاسة تحرير مجلتي "الفنون" و "حدائق"، كما عمل مراسلاً لعدد من الصحف العربية المشرقية. أنتج للإذاعة عشرات البرامج، كما قدم العديد من المسابقات الثقافية بالتلفزيون.

يتذكره متفرجو تلفزيون الأبيض والأسود ببرنامج المفاتيح السبعة، وهو برنامج مسابقات بدون جوائز ولا هدايا، لكن بمعلومات غزيرة واستفادة كانتا تتماشيان مع مغرب كانت فيه العديد من الأشياء الجميلة. أيام الخميس كان محمد البوعناني يطل على المشاهدين، ويخاطبهم بلهجة شمالية محببة وبلكنة زيلاشية ألفها الجمهور، والذي اكتشفها المشاهد في برامج أخرى خصصها البوعناني للتعريف بالمغرب البحري من خلال تقديم معلومات مفيدة غنية.

كما قلت ارتبط اسم المثقف الكبير السيد محمد البوعناني ببرامج المسابقات في المغرب، كما عمل لسنوات على نقل أسرار البحار إلى المغاربة بأسلوب سهل قريب من طريقة تخاطبهم اليومية، أما برامج المسابقات فأصبحت شيئا من ماض تلفزيوني لا أحد يتفاءل بأنه سيعود يوما. محمد البوعناني، صاحب الابتسامة الدائمة وروح الدعابة، عاش حياته بين ضفاف البحار والمجلدات الأدبية، كما أنه يستحق بامتياز لقب سيد البحار في المغرب، فالرجل الذي توارى عن الأنظار حاليا حقق معادلة صنع أي برنامج ناجح، تقديم المعلومة المفيدة في طابع ترفيهي، معتمدا على قدرة لا متناهية على الحكي، استقاها من تكوينه كمعلم ومن تمكنه الشديد من الدارجة المغربية الأصيلة.

أضيف ماذكرني به الدكتور عبد الواحد أكمير عن مسيرة الرجل فأقول: "الاستاذ البوعناني كان أول مغربي يشتغل بالتليفزيون الإسباني رفقة الإعلامي خالد مشبال رحمه الله، كان ذلك في مطلع ستينيات القرن الماضي، كما أنه في بداية السبعينيات كان يقوم بالترجمة من الإسبانية إلى العربية لمباريات الليغا الإسبانية التي يبثها التلفزيون المغربي. طود شامخ مِفَنٌّ مِعَنٌّ عبق لبق، صنع مجد الإعلام الثقافي المغربي و ترك بصمات  خالدة ومتميزة في ذاكرتنا.

الاستاذ محمد البوعناني يعيش اليوم مهمشا، وحيدا يعاني المرض والإملاق. أهكذا تكون نهاية المثقفين والعلماء النحارير في هذا الزمن الأغبر الذي اشتهرت فيه النكرات، زمن يسلط الضوء على من لاضوء له، ويتم تهميش العلم، والرجاحة، والحذق، والمثقفين والعلماء النقاريس؟  لك الله أيها الاستاذ الفَصِيع المِدْرَه سيدي" محمد البوعناني" دعوات جميع المغاربة لك بالشفاء أيها العبقري الوديع الأريب.