السلماني: الشباب والهجرة وظواهر الاستبعاد الاجتماعي

السلماني: الشباب والهجرة وظواهر الاستبعاد الاجتماعي د عبد الغني السلماني، باحث في سوسيولوجيا التنمية
أسدل الستار عن المؤتمر الدولي الذي نظمته مجموعة البحث: "الديناميات الاجتماعية وعلاقات السلطة" بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان حول موضوع: "الشباب والهجرة وظواهر الاستبعاد الاجتماعي مقاربات عابرة للتخصصات" يومي 12 و13 مارس 2019 والذي كان مناسبة لتكريم عالم جليل قدم الكثير للدرس السوسيولوجي المغربي عبد الجليل حليم.
الدرس السوسيولوجي المغربي:
شكلت الجلسة الأولى للمؤتمر بتقديم شهادات للمحتفى به السوسيولوجي عبد الجليل حليم التي قدمها طلبته وهم الدكاترة جميلة الشرادي، محمد شكري سلام، زهرة الخمليشي، لحسن خليل، ابراهيم الحمداوي، عبد القادر بوطالب.. الذين أشادوا بأخلاقه العلمية ونزاهته الفكرية وانضباطه الموضوعي في تقديم المادة وتعليمها ببداغوجيا عالية دون تحيز أديولوجي ... وعليه؛ لابد من التذكير أن السوسيولوجي عبد الجليل حليم من الأوائل الذين ساهموا في تأسيس السوسيولوجيا المغربية وترسيخ استقلاليتها عن الإنتاج المعرفي الكلونيالي، حيث تمكن من رفع مشعل السوسيولوجيا رفقة جيل كانت له بصمته أمثال (الخطيبي، محمد جسوس، فاطمة المرنيسي، عبد الله حمودي، عبد الصمد الديالمي، سمية نعمان جسوس، المكي بن الطاهر، حسن رشيق، رحمة بورقية، خديجة المسدالي، المختار الهراس، إدريس بنسعيد، مصطفى محسن..) الخ. في ترسيخ تقاليد الدرس السوسيولوجي بالجامعة المغربية، في سياق البحث الجاد في توطين وتطوير السوسيولوجيا كممارسة معرفية سعت لفهم وتحليل بنيات المجتمع المغربي ودينامياته. وبهذا كان دور السوسيولوجين المغاربة هو دراسة الإرث السوسيولوجي الكولونيالي، الذي اعتبر بالنسبة لهم “بالأب المرجعي والرمزي”، مما مكن لهم قوة ودراية بالخلفيات والسياقات الكتابة السوسيولوجية مع الإنفتاح على تجارب أخرى.
البحث العلمي والشأن العام:
مساهمة الباحثين السوسيولوجيين في النقاشات والقضايا العمومية التي تشغل اهتمام المغاربة من رهانات المؤتمر، لذلك كانت الغاية وضع إشكالية الشباب والهجرة في صلب الإهتمامات من خلال إشكاليتي الاستبعاد والهجرة للنقاش الأكاديمي والمقاربة العلمية العابرة للتخصصات، والوقوف على التجارب المؤسساتية والجمعوية التي تهم هذا الوضع، من خلال مساهمات باحثين من كل بقاع العالم أمريكا روسيا الجزائر اليمن السودان فلسطين.... أملا في الاستفادة من تنوع الطروحات والكيفيات قصد إيجاد التوليفات الممكنة لإدماج الشباب وتضمينه اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا وسياسيا وثقافيا، ومواجهة نزيف ومشكلات الهجرة بمختلف أشكالها ومآسيها التي تمس هذه الفئة بصفة خاصة.
إن القضية المركزية التي ركز عليها المؤتمر هي أوضاع الشباب من خلال مظاهر وأشكال التضمين والاستبعاد الاجتماعي التي يعيشونها، والتي ترتبط بوضعيات تخص حقوقهم وفرص عملهم في التعليم والتدريب، المشاركة السياسية والجمعوية وغيرها، كما سلط المؤتمر الضوء على آفاق وآمال وتطلعات الشباب..
ولقد كان المؤتمر مناسبة للنقاش والبحث عن إشكالية العلاقة السببية بين الاستبعاد الاجتماعي للشباب وظاهرة الهجرة، باعتبار هذه العلاقة جدلية بينهما، إذ يتغذى متغير الهجرة من ظاهرة الاستبعاد، حيث يشكل "الاستبعاد الاجتماعي بمختلف أنماطه وتجلياته إلى تزايد التفكير في ممارسة الهجرة، فهو شكل منطقي ناتج عن عمليات البحث عن عناصر التضمين والاندماج، التي تعذر حدوثه في العديد من البلدان، ومعه لم تتوفر الاجابات الممكنة لحاجات الشباب المختلفة، ما دفع بإعداد كبيرة منهم إلى التفكير في الهجرة بكل بأنواعها؛ الشرعية وغير الشرعية، في ظل العجز عن تحقيق تطلعاتهم وآفاقهم من جهة، و تمثلهم الطوباوي للآخر في الضفة الأخرى كمجال وفضاء مُخلص وصانع للمستقبل ومحقق لتقدير الذات ومن جهة ثانية "
رهان تحقق:
كان المؤتمر ناجحا بكل المقاييس ولقد كانت ورشاته فرصة للباحثين وطلبة الكلية من مختلف التخصصات الإستفادة واكتساب مهارات في الدراسات الميدانية التي تبقى هي الخلفية العملية لتطوير البحث السوسيولوجي.
هنيئا للدكتور عبد القادر بوطالب بهذا المنجز الهام الذي يكرس ثقافة الإعتراف بتكريم مربي وعالم قدم الكثير للجامعة المغربية الدكتور عبد الجليل حليم، وكذا جعل السوسيولوجيا وفرقة البحث "الديناميات الإجتماعية وعلاقة السلطة“ هي رهان البحث الجاد الذي يجعل الجامعة مختبرا لملامسة قضايا الناس وتشريح أعطاب المجتمع.