اليوم أكثر من أي وقت مضى، أصبح المطلوب من المواطنات والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني الإسهام القوي في إعداد البرامج التنموية والسياسات المحلية. وهو ما يستدعي التوفر على رصيد غير يسير من الثقافة القانونية. سنحاول في هذه الورقة، ملامسة بعض جوانب القانون التنظيمي للجماعات اللازم معرفتها من أجل دور أكثر فعالية للمواطنات والمواطنين والجمعيات لتحقيق التنمية المحلية.
أفرد القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14 الباب الخامس منه للآليات التشاركية للحوار والتشاور. وخصص الباب السادس منه لشروط تقديم العرائض من قبل المواطنات والمواطنين والجمعيات. فحسب المادة 119 منه، تحدث مجالس الجماعات آليات تشاركية للحوار والتشاور لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج العمل وتتبعها طبق الكيفيات المحددة في النظام الداخلي للجماعة.
وتحدث لدى مجلس الجماعةهيئة استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني، تختص بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع تسمى " هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع"( يقصد بمقاربة النوع إدماج الاهتمام بالنوع الاجتماعي في السياسات العمومية: المسنون وذوو الاحتياجات الخاصة والأطفال، وخاصة النساء). ويحدد النظام الداخلي للمجلس كيفيات تأليف هذه الهيئة وتسييرها.
وتنص المادة 121 من قانون الجماعات على أنه يمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات أن يقدموا وفق الشروط المحددة في المواد الآتية، عرائض يكون الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في صلاحياته ضمن جدول أعماله.
وحسب المادة 122، يقصد بالعريضة: كل محرر يطالب بموجبه المواطنات والمواطنين والجمعيات مجلس الجماعة بإدراج نقطة تدخل في صلاحياته ضمن جدول أعماله. ويلزمهم تعيين وكيل عنهم لتتبع مسطرة تقديم هذه العريضة.
وفيما يتعلق بالشروط، تنص المادة 123 من القانون أعلاه على أنه يجب أن يستوفي مقدمو العريضة من المواطنات والمواطنين الشروط التالية: أن يكونوا من ساكنة الجماعة المعنية أو يمارسوا بها نشاطا اقتصاديا أو تجاريا أو مهنيا – أن تتوفر فيهم شروط التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة – أن تكون لهم مصلحة مباشرة مشتركة في تقديم العريضة – أن لا يقل عدد الموقعين منهم عن 100 مواطنة أومواطن فيما يخص الجماعات التي يقل عدد سكانها عن 35 ألف نسمة و 200 مواطنة أو مواطن بالنسبة لغيرها من الجماعات. غير أنه يجب أن لا يقل عدد الموقعين عن 400 مواطنة أو مواطن بالنسبة للجماعات ذات نظام المقاطعات.
بالنسبة للجمعيات، فيجب على الجمعية التي تقدم العريضة استيفاء الشروط التالية: أن تكون هذه الجمعية معترف بها ومؤسسة بالمغرب طبقا للتشريع الجاري به العمل لمدة تزيد عن ثلاث سنوات. وتعمل طبقا للمبادئ الديمقراطية ولأنظمتها الأساسية –تكون في وضعية سليمة قانونيا – يكون مقرها أو أحد فروعها بتراب الجماعة المعنية بالعريضة – يكون نشاطها مرتبط بموضوع العريضة.
وحسبالمادة 125، تودع كل عريضة لدى رئيس مجلس الجماعة مرفقة بالوثائق المنصوص عليها أعلاه مقابل وصل يسلم فورا. وتحال العريضة على مكتب المجلس من لدن الرئيس قصد دراستها.وفي حالة عدم قبولها، يتعين على الرئيس تبليغ الوكيل أو الممثل القانوني للجمعية، حسب الحالة، بقرار الرفض معللا داخل أجل ثلاثة أشهر.
نعتقد صادقين وهو الرأي الذي أدلينا به اليوم (الأربعاء 13 مارس) بالندوة الوطنية التي نظمها المركز الجامعي بقلعة السراغنة ومختبر الأبحاث القانونية وتحليل السياسات العمومية بجامعة القاضي عياض، احتفاء باليوم الوطني للمجتمع المدني، في موضوع: الديمقراطية التشاركية في دستور 2011: أي دور للمجتمع المدني في مسلسل السياسات العمومية؟. نعتقد أن هناك ثلاثة مشاكل كبرى تعترض بقوة، عمل جمعيات المجتمع المدني وهي باختصار شديد:
- جهل العديد من الجمعيات بمقتضيات القانون التنظيمي للجماعات رقم 113.14. ومن يجهل القانون لا يعرف حقوقه وواجباته. وبالتالي، تضعف قوته التفاوضية.
- ضعف التواصل. والمقصود، ضعف تواصل العديد من الجمعيات مع الجماعات كمثال فقط. وهو ما يترتب عنه عدم القدرة على تقديم المشاريع وبالتالي عدم تحقيق الأهداف التي خلقت من أجلها هذه الجمعيات.
- وللأسف، ضعف الحس المواطنتي لدى بعض الجمعيات. وهو أمر يسائلنا جميعا كما أثار ذلك أحد الأساتذة المتدخلين في تفاعله مع أسئلة وتدخلات المشاركين في هذه الندوة وهم طلبة وأطر جمعوية وكفاءات إدارية، يسائل التربية والتعليم، يسائل الأحزاب السياسية، يسائل المثقفين....
من جانب آخر، إذا كان المشرع يهدف من خلال ما تقدم من آليات وشروط، لجعل المقاربة التشاركية آلية حقيقية لتحقيق التنمية، فإن هذه الآليات ستبقى دون جدوى، إذا لم يتم توعية المواطنات والمواطنين بها بواسطة وسائل الإعلام السمعية والبصرية والصحفية بشقيها الورقي والالكتروني.
وأخيرا، لا تشارك ولا تنمية في غياب ثقةالمواطنات والمواطنين في مجالسها الجماعية.
أحمد بلمختار منيرة/ إعلامي وباحث.