كريم مولاي: هذه دلالات الحراك الشعبي الجزائري ضد العهدة الخامسة لبوتفليقة

كريم مولاي: هذه دلالات الحراك الشعبي الجزائري ضد العهدة الخامسة لبوتفليقة كريم مولاي
الحراكُ الشّعبي دينامية بنّاءة، ترمي إلى تغيير السّلوك السّياسي في التّعامل مع الأمّة من حيث أنّها المعطى الأساسي و الهدف الرئيسي للعملية السّياسية، فمنها تنشأ و تستمر و تتطوّر في وعائها الذي لا بدّ أن يضمن داخله الظّروف الموضوعية لضمان الانسجام والاستقرار الاجتماعيين ومصالح فئات الأمّة بتعايش واقعي مبناه مقوّمات حقيقية تتفاعل تركيبتها مع بنية الشّخصية والمجتمع .
إنّ الوطن هو الوعاء الذي يمارس فيه الأفراد كما الأمّة حقوقهما و واجباتهما، و تبرز و تزدهر فيه قيم الحرّية و الكرامة و يعلو فيها شأن الإنسان، فالوطن موضوع القيمة والهدف الأساسي الذي يناضل من أجله المناضلون و إن تعدّدت عناوينهم و مطالبهم، فلابدّ لها من واقع و أرضية تمارس فيها ، و تؤدّى فيها الحقوق و الواجبات .
إنّ الحرك الشعبي يستهدف إقصاء تلك العناصر التي تعمل على إبادة القيم الوجودية للأمّة و استهلاك مقدّرات الوطن و تفجير الأزمات في المجتمع بعد بثّ أسبابها و نشر أمراضها فيه ، إذ يتطلّب الوضع معالجة هادئة لتلك العاهات بتبني الشرائح المصابة ، من أجل اسعادتها و حماية المجتمع من التآكل من الداخل .
إنّ أعداء الجزائر فئة قليلة لا تؤمن لا بالجزائر باعتبارها أمّة أو دولة ، بل يعتقد هؤلاء العنصريون الباطنيون الحاقدون أنّ الجزائر كيان يجب إضعافه في مرحلة معيّنة، بإفراغه من المعطيات السياسية والإجتماعية والثّقافية و بضرب اقتصاده، في انتظار احتوائه أو ابتلاعه أو تمزيقه إلى كيانات ضعيفة و متنافرة .
إنّ المضيّ بوتيرة مدروسة وثابتة في مسيرة النضال الشعبي بتفعيل عنصر القطيعة المعرفية مع الشكل الحالي للسّلطة ، بعيدا عن ردود الأفعال التي يراد بها إحداث تسارع يفضي إلى تجاوز المراحل دون استثمارها ، ما من شأنه أن يعطي فرصة لحلفاء العصابة نفسا يستغلّونه للعودة و إيجاد مواقع لهم في الحراك في انتظار التّقدّم بخطوات مدروسة على متن الأزمات مجالهم الحيوي .
إنّ الحراك الشعبي بحاجة إلى شيئين أساسيين التنظيم المحكم و الأخلقة ، ذلك أنّه عمل ميداني علني يهدف إلى تصحيح وضع و صورة نمطية روّجها النّظام طيلة المرحلة التي تلاعب فيها بالمفاهيم و العقول، وكون جميع الشرائح من كلّ الأجيال تحتكّ وتشارك كلّها - بقسط متفاوت - في إعادة تصحيح المفاهيم والسّلوكات من العشوائية إلى الحضارية.
- كريم مولاي، ضابط سابق في المخابرات الجزائرية