عبدالله حافيظي السباعي: موريتانيا- المغرب والقدر المحتوم 

عبدالله حافيظي السباعي: موريتانيا- المغرب والقدر المحتوم  عبدالله حافيظي السباعي، باحث متخصص في الشؤون الصحراوية والموريتاتية 
عرفت العلاقات المغربية الموريتانية منذ عدة عقود مدا وجزرا، فقد كان المغرب يعتبر موريتانيا جزء لا يتجزأ من أرضه، وكان المغرب يعتبر حدوده الطبيعية من طنجة إلى نهر السنغال بدلا من طنجة إلى الكويرة التي يلهج بها الآن بعد اعتراف الملك الحسن الثاني باستقلال موريتانيا سنة 1969 يوم وصول الرئيس المختار ولد دادا للمشاركة في مؤتمر الدول الاسلامية، فقد كان الملك الحسن الثاني يقول أنه لا يتصور أن يحكم من الرباط تخوم نواكشوط بأرض شنقيط..
خاض البلدان معركة استرجاع الصحراء التي اخذت موريتانيا نصيبها منها، إقليم وادي الذهب الذي سرعان ما تخلت عنه جراء هجمات الانفصاليين الصحراويين المدعومين ماديا وسلاحيا من طرف بومدين والقذافي.. قطعت العلاقات بين البلدين زمن الرئيس محمد خونا ولد هيدالة الذي اعترف بالجمهورية الوهمية وكتب على ظهر الجواز السفر الموريتاني ممنوع الزيارة للمغرب وإسرائيل.. وفي عهد الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطائع عرفت العلاقات بين البلدين استقرارا نسبيا وتعاونا مثمرا.. وفي عهد عالي ولد محمد فال بقيت العلاقات على عهدها وزار المغرب زيارة رسمية ناجحة.. إلا أن وصول الرئيس محمد ولد عبدالعزيز إلى دفة الحكم في موريتانيا ادخل العلاقات بين البلدين في نفق غير مفهوم فرغم العلاقات الأسرية والمصاهرة والتكوين العسكري بأكاديمية مكناس فقد كانت العلاقات متوترة لأسباب مبهمة امتنعت فيها موريتانيا عن تعيين اي سفير لها بسبب إيواء المغرب لبعض المعارضين الموريتانيين، ولم يتم تعيين سفير لموريتاتيا لدي المملكة المغربية إلا بعد مغادرة  المعارض محمد ولد بعماتو أرض المغرب.. كما كان لتصريحات شباط الأمين العام السابق لحزب الاستقلال الأثر السيء على قادة موريتانيا، حاول المغرب التكفير عن هذا الغلط وصل حد إبعاد شباط سياسيا..
وخلال السنة الماضية استعادت العلاقة بين البلدين عافيتها حيث أقدمت موريتانيا على تعيين سفير جديد لها هو حفيد الشيخ ماء العينين ووزير سابق ودبلوماسي محنك، كما تم تعيين المغرب سفيرا جديدا له مكان السفير السابق عبد الرحمان بنعمر الذي وافاه الاجل المحتوم، وهو السفير والوالي ومنسق مع المينورسو حميد شبار، استعادت العلاقات بين البلدين عافيتها وتم تباذل الزيارات بين البلدين أهمها الرسالة التي حملها الاسبوع الماضي الوزير ولد محمد ورئيس الحزب الحاكم في موريتانيا والذي شكل استقباله من طرف الأمير مولاي رشيد نقطة استفهام كبيرة، ثم زيارة وفد رجال الأعمال الأخيرة ووفود الأحزاب السياسية كان آخرها هذا الأسبوع وفدي حزب الاستقلال والأحرار للمشاركة في مؤتمر الحزب الحاكم في موريتانيا، ما أثار انتباه الجميع هو الاستقبال الذي خص به الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز  الأمين العام لحزب الاستقلال حفيد علال الفاسي الدكتور نزار بركة الذي سلمه رسالة من الملك محمد السادس هذه الرسالة التي لم يعرف أي أحد فحواها ولا كنهها والجميع يضرب أخماس بأسداس في شأن فحواها، رغم أننا نجزم أن الغرض منها هو محو الذكرى السيئة التي تركتها التصرفات الصبيانية الأمين العام السابق لحزب الاستقلال شباط.. 
أتمنى أن تعرف العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا نحو الأحسن خاصة بعد الانتخابات الرئاسية التي ستعرفها موريتانيا في غضون الأشهر القادمة، وأن يتم تبادل الزيارات بين قادة البلدين وتشجيع المبادلات التجارية وحذف التأشيرة ومضاعفة الاستثمار المغربي في موريتانيا على غرار ما يقوم به المغرب  في الأقطار الأفريقية الأخرى..