رضا الفلاح يقرأ دلالات إرسال الملك للاستقلالي بركة إلى موريتانيا

رضا الفلاح يقرأ دلالات إرسال الملك للاستقلالي بركة إلى موريتانيا رضا الفلاح
يرى د. رضا الفلاح، أستاذ القانون الدولي بجامعة ابن زهر بأكادير، أن زيارة نزار بركة الى موريتانيا حاملا رسالة خطية من الملك محمد السادس تعد خطوة جديدة، في هذا السياق الذي يعرف إعادة الدفيء للعلاقات بين البلدين بعد التصريح السابق لحميد شباط بشأن موريتانيا والذي لا يعد خطأ دبلوماسي فقط بل يشكل أيضا اعتداءرمزيا على دولة ذات سيادة، مضيفا بأن زيارة بركة تعد إشارة ايجابية الى موريتانيا من أجل طي صفحة هذا الخطأ الدبلوماسي، كما يتطرق إلى التحول الحاصل حاليا في السياسات الخارجية الموريتانية والساعي نحو استمالة المغرب وطلب الدعم منه خاصة وأن موريتانيا مقبلة على محطة الإنتخابات الرئاسية، وهي محطة حاسمة بالنسبة للنظام الحالي في موريتانيا الذي تحتضنه المؤسسة العسكرية.
+كيف تقرأ زيارة نزار بركة لموريتانيا، وفي أي سياق يمكن إدراجها ؟
++هذه الزيارة تأتي في سياق تذويب الجليد ، وإعادة الدفيء الى العلاقات بين البلدين بعد زيارات ومبادرات سابقة، وآخرها زيارة وزير الخارجية الموريتاني الى المغرب، وأيضا زيارة مسؤول موريتاني يحمل رسالة خطية من الرئيس الموريتاني الى الملك محمد السادس قبل أسبوع، كما تدخل أيضا في المسار الأممي لنزاع الصحراء، علما أن موريتانيا مطلوب منها أن تلعب حل في حل نزاع الصحراء وليس الإكتفاء بلعب دور الحياد المعهود، وبالتالي فهناك متغيرات تحدث اليوم في هذا النفق الإقليمي الذي يربط المغرب بجواره الجنوبي بعد فترة من الجمود والذي وصل في بعض الأحيان الى التوتر، والتي عرفت تنسيق جزائري- موريتاني لإستغلال هذه الفترة العصيبة في العلاقات بين البلدين في محاولة لحشر المغرب في الزاوية، بالموازاة مع فترة صعدت فيها جبهة البوليساريو من استفزازاتها ضد المغرب، وأعتقد أن فهم علاقة المغرب بموريتانيا لايمكن أن يكون بمعزل عن نزاع الصحراء وأيضا بحضور اقتصادي مغربي مهم في هذا البلد، فهناك رجال أعمال وشركات مغربية متعددة تشتغل بموريتانيا، الى جانب حاجة موريتانيا الى دعم سياسي واستراتيجي من المغرب، خصوصا أن الإنتخابات الرئاسية الموريتانية يتوقع تنظيمها خلال هذه السنة، حيث يرتقب أن يفرز الحزب الحاكم المرشح للرئاسة وهو وزير الدفاع سابقا .
+هل يمكن اعتبار زيارة البركة الى موريتانيا محاولة لتصحيح الخطأ الدبلوماسي الذي وقع فيه الأمين العام السابق لحزب الإستقلال، حين صرح أن موريتانيا كانت تشكل امتدادا للتراب الوطني ؟
++طبعا..الزيارة هي خطوة جديدة، في هذا السياق الذي يعرف إعادة الدفيء للعلاقات بين البلدين، وهنا يأتي اختيار نزكة بركة الأمين العام لحزب الإستقلال لتسليم رسالة خطية من الملك محمد السادس الى الرئيس الموريتاني، ونحن نعرف مواقف حزب الإستقلال التاريخية إزاء موريتانيا وإزاء استقلالها، فهو يعتبر موريتانيا في أدبياته وليس عبر مواقفه الرسمية جزء من التراب المغربي، والتصريح السابق لحميد شباط بشأن موريتانيا لا يعد خطأ فقط بل يشكل أيضا اعتداءا رمزيا على سيادة دولة، وبالتالي فاختيار نزار بركة الأمين العام الجديد لحزب الإستقلال يحمل دلالة رمزية قوية الى موريتانيا أن مثل هذه الإستفزازات الكلامية لا تعبر إطلاقا عن موقف الحزب والدليل اليوم هو أن الأمين العام لنفس الحزب يزور موريتانيا ويقدم لرئيسها رسالة خطية من الملك محمد السادس في إطار إعادة الدفيء الى العلاقات بين البلدين، كما تعد إشارة ايجابية الى موريتانيا من أجل طي صفحة هذا الخطأ الدبلوماسي.
+نزار بركة شخصية حزبية وليست شخصية حكومية، بل إنه ينتمي الى المعارضة وليس الأغلبية، فماهي دلالة زيارته الرسمية الى موريتانيا كمبعوث من طرف الملك محمد السادس ؟
++الدلالة الأولى، هي الرغبة في بعث إشارة من أجل تصحيح الخطأ الذي وقع فيه الأمين العام السابق لحزب الإستقلال، علما أن موريتانيا كنظام لها حساسية مفرطة من حزب الإستقلال، وبالتالي فحمل الرسالة الملكية من قبل الأمين العام لحزب الإستقلال يعد بمثابة برهان على أن المواقف القديمة لحزب الإستقلال بشأن موريتانيا ستدخل خانة النسيان، ورسالة واضحة الى موريتانيا بأنه لم يعد هناك مجال للتوجس من إحياء الرواية القديمة بشأن موريتانيا.
+هل يمكن في نظرك أن تساهم مثل هذه الزيارات من شأنها إعادة الدفيء الى العلاقات بين البلدين أم أن الأمر يتطلب تبادل زيارات مسؤولين دبلوماسيين رفيعي المستوى ؟
++تبادل زيارات مسؤولين دبلوماسيين رفيعي المستوى حدث بين البلدين في الفترة الأخيرة، حيث زار وزير الخارجية المغربية ناصر بوريطة موريتانيا، كما زارها أيضا رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران وحظي باستقبال الرئيس الموريتاني، لكن في سياقات مختلفة، وما يجب التنويه به هو المرحلة الجديدة من العلاقات بين البلدين وحاجة موريتانيا إلى دعم سياسي مغربي، حيث بعث الرئيس الموريتاني مؤخرا رسالة الى الملك محمد السادس يطلب منه من خلالها دعم موريتانيا للحصول على منصب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ( الألسكو ) وهو المعطى الذي يعطينا نبرة عن التحول الحاصل حاليا في السياسات الخارجية الموريتانية نحو استمالة المغرب وطلب الدعم منه خاصة وأن موريتانيا مقبلة على محطة الإنتخابات الرئاسية، وهي محطة حاسمة بالنسبة للنظام الحالي في موريتانيا الذي تحتضنه المؤسسة العسكرية، وبالتالي فالسياق الجديد هو سياق براغماتي يقتضي من الجانبين إيجاد المساحة المشتركة للحصول على مصالح متبادلة.