ذكرى المناضل علي المانوزي... يوم واحد من الوفاء لا يكفي

ذكرى المناضل علي المانوزي... يوم واحد من الوفاء لا يكفي المناضل علي المانوزي (يمينا) وعبد الكريم المانوزي
 

ليس لوليد خرج من رحم النضال إلا أن ينشأ بعزيمة تتحدى المخاطر وتتخطى الأزمات. هكذا علمتنا أسرة المانوزي في مواجهتها لمصادر اللاعدل والظلم الاجتماعي عبر السنين، وهي تخلد ذكرى اختطاف الابن الحسين ورحيل الأب الحاج علي يوم السبت 2 مارس 2019 بمدينة الدار البيضاء من بوابة شهادات نكأت جرحا يكاد لا يلتئم.

إذا كان التسليم، كما سبق الذكربأن انعدام أي حرج في إعلاء لقب "المانوزي" قائمة مناصري التوافق الطبقي مرده المحيط الثائر الذي احتضن حامليه، فإن فضلا كبيرا يحسب في ذلك إلى الفقيد "الحاج علي المانوزي"، وما حقنه في دماء الأبناء من دماء العزة والكرامة، أمدتهم بجرعات إضافية ذات صلابة ونفس طويل. لهذا، ومهما تجبرت ظروف الإخفاق في كشف المستور من الحقيقة، وأحيانا شح الدعم المطلوب نحو قضيتهم، فإنهم يجدون في تاريخ كبيرهم مواساة مخلصة لحقهم فيما يطالبون به منذ نحو 47 سنة.

ولعل هذا ما شحن نوعا ما باقي المتضررين من تداعيات الاختفاء القصري لأقربائهم، أو حتى من ذاقوا شخصيا ويلات التعذيب والأسر قبل تسريحهم بأحكام البراءة الفاقدة لأي تقدير أو اعتراف، فبالأحرى الحديث عن التعويض.ومن ثمة، يظل الفقيد الحاج علي المانوزي في نظر هؤلاء، وفق ما جاء في تدخلاتهم، الدفعة التي عززتهم في صفوف الباحثين عن الحقيقة إلى آخر رمق، كما البصمة التي أثرت جديا في مواصلة مسعاهم ذاك برغم ما يلاقونه من تعتيم ومجابهة لم يكونوا يتوقعونها في أسوأ تنبؤاتهم.

وعلى هذا الأساس، طلعت العديد من الأصوات داخل القاعة تكشف عن واقع جريح، بلغت في بعض حالاتها الاختناق بدموع الحسرة على ما يوجعها.

وفي هذا الاتجاه، أكدت إحدى قريبات سجينأن الأدلة واضحة صارخة على أنه وإن تغيرت الوجوه فإن السياسة المتبعة حافظت على الوفاء لسهامها المغرضة. وأردفت بنبرة مثقلة حسرة أن ما ووجه به معتقلو الريف لا يبشر بخير. وإنما يكرس فقط سوالف الانتهاكات "وإلا بماذا يفسر انتهاء مطالبة شباب بمستشفى وكلية ومنصب عمل إلى السجن بمدد وصلت لحد 20 سنة. والأدهى ما ترتب عن هذه الأحكام من تعذيب تراخى إلى الأهالي وهم يقطعون 600 كيلومتر من أجل الزيارة الأسبوعية بسجن عكاشة"، انتهى كلام المتحدثة.

 

عبد الكريم المانوزي، ابن المناضل الحاج علي

اللقاء بوتقة وصل بين ماضي ذاكرة الوالد وحاضر المنتهكين

 

كيف تفسر الحضور الرمزي للراحل الحاج علي المانوزي في هذا اللقاء؟

هو حضور يفرض نفسه لما يملكه المرحوم من مسار حافل بالنضالات، امتد لعقود من أجل الاستقلال والديمقراطية، وأيضا وطن حر لكل المغاربة. إذ عايش مراحل حاسمة في تاريخ المغرب جعلت منه ذاكرة لا مناص من قراءة مخزونها قصد الاستمرار بنفس المبادئ والقيم التي حملها في أفق بناء المغرب الذي ننشده جميعا. وهذا حتما لن يتم دون استحضار مثل هذه الروح وتحت شعار "من أجل الذاكرة وعدم النسيان".

 

وماذا عن وجود فعاليات حقوقية وسياسية؟

ارتباطا بالجواب الأول، يبقى لهؤلاء رصيد لا يستهان به من علاقتهم بالحاج عليالمانوزي. مما يؤهلهم أكثر للحديث عنه وحكي تجاربهم معه في ظل ما أسداه لهم من نصائح عصارة أشواط مديدة في درب حب الوطن والتضحية لضمان أمن استقراره. وهم للتذكير من بين ضحايا الانتهاكات الجسيمة بشتى المعتقلات إن السرية أو العلنية، من قبيل "تازمامارت"، "قلعة مكونة"، "تاكونيت"، "أكدز"، و"درب مولاي الشريف".

 

هل يفهم من هذا التقابل أن للموضوع راهنيته؟

ليس في ذلك شك. إذ وبالموازاة مع ما حدث سابقا من تجاوزات يلاحظ بعض أصدائها الارتدادية مترامية إلى ساعتنا هاته. وبالتالي، نغتنمها فرصة لكي يطرح المدعوون تفاصيل ملفاتهم المعلقة، والتي تستدعي نداء ملحا للسلطات على أمل أن تجد حلا منصفا وشاملا لها قد يعيد الأمور إلى نصابها، وتظل الذاكرة في صلب التاريخ المؤسس لدعائم المستقبل. ونقرة الزر المعدم لصفحات يتمنى الجميع طيها إلى حيث لا رجعة.