سعيد جعفر: الأستاذ.. الرأسمال المنبوذ

سعيد جعفر: الأستاذ.. الرأسمال المنبوذ سعيد جعفر

 تكشف وضعية الأستاذ في المغرب عن فقر كبير لفلسفة الدولة في ربح المستقبل. ولا شيء يفسر هذا الإصرار الغريب على تفقيره وربما إذلاله على مستوى الأجر والاستقرار الوظيفي والأسري.

ثمة مفارقة كبيرة تفسر سلوك الدولة تجاه هذه الفئة المحورية، بل والمصيرية، ليس فقط في تعليم الأجيال وتكوين الأطر والكوادر، بل في حماية الاستقرار والتماسك الاجتماعي.

ويبدو أن ثمة إصرار على ظلمه، فلا أحد يستطيع تفسير تفريد قطاع التعليم بالتعاقد وعدم الترسيم، ولا أحد يستطيع تفسير كيف أن مبلغ أجر الأستاذ عند بداية تعيينه لا يتجاوز 5000 درهما مع أنه حامل لشهادة الإجازة مقابل أجر ابتدائي عند أول تعيين لفئات أخرى في حدود 5500 درهما، مع أنهم يعينون بالبكالوريا أو دبلوم السلك أول جامعي في أحسن الحالات.

وإذا كانت فئات كثيرة من الموظفين تستفيد من تعويضات الأخطار وتعويضات عن الأوساخ وتعويضات عن المردودية والفعالية وتعويضات عن المهام وتعويضات نهاية السنة، فإن الأستاذ هو الموظف الوحيد الذي لا يتمتع بأي من هذه التعويضات ولا يستفيد من المكافآت عن الجودة وغيرها.

ثمة شيء مريب في المسألة برمتها وتطرح أسئلة عميقة على الدولة قبل الحكومة والوزارة؟

ماذا يراد من أستاذ التعليم المدرسي بالضبط؟

هل تعليم الاجيال أم مجرد دور رقابي؟

ألا يتم تبديد الطاقات والخبرات الهائلة لآلاف من نساء ورجال التعليم والذين تمرسوا من خلال ملايين العلاقات المعرفية والبيداغوجية والنفسية والاجتماعية؟

ألا يمكن استثمار هذا الرأسمال اللامادي الكبير في إنتاج الثروات وعلى رأسها ثروة الاستقرار الاجتماعي؟

إننا في الحقيقة أمام حالة تبديد غريبة لرأسمال كبير وكبير جدا في قراءة أو ربما في مخططات غير مدروسة جيدا، وبدون شك فالتكلفة لن تكون قليلة.

من ضمن القواعد الذهبية التي سلكتها كل الحضارات والدول التي نجحت في تحقيق التطور والتقدم وخلق الاستقرار الاجتماعي والرفاهية لشعوبها، إنها استثمرت تحديدا في التعليم والبحث العلمي.

والمؤكد من باب التذكير الاخلاقي والفكري أن للتاريخ دروسه وأولها أن الجهل عدو الاستقرار.