ما تبقى في الذاكرة من 20 فبراير

ما تبقى في الذاكرة من 20 فبراير نوفل البعمري
في ليلة 20 فبراير سنة 2011 توجهت نحو المحمدية المبيت هناك قصد التنقل صباحا للرباط للمشاركة في مسيرة 20 فبراير التي أعلنت عن ميلاد انتفاضة الشارع للمطالبة بالاصلاحات السياسية قبل أن تلتحق بها الدولة و تنخرط في نفس المسلسل بخطاب ٩ مارس الملكي و بإعلان مراجعة شاملة للدستور و للنظام السياسي المغربي.، قضيت ليلتي بالمحمدية عند أحد الأصدقاء استيقظت صباحا فطرنا معا فتوجهنا معا للرباط... كنا إلى جانب شباب اخرين من الأوائل الذين التحقوا بنقطة تجمع المسيرة...تجمعنا معا نحن ممن قررنا آنذاك في المكتب الوطني الشبيبة الاتحادية و كنا عشرتنا و كنا قد اصدرنا بيانا قبلها نعلن عن مشاركتنا في المسيرة.. لحظة تجمعنا نفاجئ ببيان باسم نفس المنظمة يرفض المشاركة و يحذر من عواقبها... لم نعره اهتماما فقد كنا قد اتخذنا قرارنا و اختلطنا داخل الأمواج البشرية التي حجت للعاصمة. لافتات، صور الشهداء و حناجر تصدح بالحرية و التغيير بعد إحساس الجميع برغبة في خنق البلد سياسيا و تهجين مؤسساتها و دفعنا نحو استنساخ تجربة ممسوخة من تونس بن علي و مصر مبارك، حيث الحزب الوحيد الذي ابتلع الدولة و المجتمع... كان المغرب خاصة بعد نكسة انتخابات 2007 في حاجة لروح جديدة، لدستور جديد شاء الاقدار ان يكون وليد حركية المجتمع و شبابه من جيل التناوب التوافقي.
فتح الوضع العام الناتج عن المسيرات التي جابت جل المدينة المغربية مطالبة بالاصلاح السياسي الشامل،نحو تأسيس لجنة لتعديل الدستور جاءت بناء على طلب الملك لتستمع لمطالب الشارع و الأحزاب السياسية و النقابات و المجتمع المجتمع المدني، كنت ممن آمنوا بالحوار مع الدولة و الاستجابة لدعوة اللجنة، وجهت لنا الدعوة لحضور جلسة الاستماع للجلسة التي نظمت بين الشباب و لجنة تعديل الدستور، اتذكر يومها توجهنا باكرا لمكان عقد الجلسة كما مجموعتين نحن حضر معنا الازمي و بوعياش استمعا لنا بانتباه كبير كنا خليط من الشباب منا من طالب بالملكية البرلمانية و منا من طالب باقتسام السلطة... لكن الجميع كان مؤمن بالاصلاح رغم اختلاف درجاته، لم نكن خونة كما لم نكن أبطال، كما أن الذين نصبوا أنفسهم ناطقين باسم حركة 20 فبراير لم يكونوا اكثر ثورية منا...لحظتها كانت بداية إعلان عن انحدار الحركة وصولا إلى ما انتهت إليه، إلى أن بدأت تتلاشى شيئا فشيئا...حتى بقي منها بعضا من العدل و الإحسان إلى جانب بعض اليساريين الفوضويين ليخفت صوتها تدريجيا وصولا إلى تحولها لمجرد ذكرى من تاريخ بلدنا.
لقد حققت الحركة مطالبها، تم تعديل الدستور، و حل البرلمان و الحكومة و أجريت انتخابات قبل اوانها... للأسف إصرار الجناح اليساري منها و المدني على عدم الانخراط في العملية السياسية ادى إلى استفراد التيار الديني بكل تلاوينه على الك اللحظة و جنى جزء منه متمثلا في العدالة و التنمية مسنودا بالحركة الدعوية و التيار السلفي و قواعد العدل و الأحسان ثمار اللحظة التاريخية التي مرت منها بلادنا رغم انهم كانوا ضدها و ضد دمقرطة البلد،. انقلبوا على روحها و على شبابها و على مطالب الشارع....
من يقول ان بن كيران هو من وقف ضد خروج الحركة عن مسارها هو خاطئ بل كاذب، من حافظوا على عقلانية الحركة هم شباب التيارات و الأحزاب الديموقراطية... شباب الشبيبة الاتحادية، و الطليعية و حشدت ممن وقفوا سدا مانعا في الجموع العامة بمختلف المدن المغربية ضد تسييد الفوضى و ضد هيمنة العدل و الأحسان و تحالفها الغير مفهوم مع النهج الديموقراطي، هؤلاء الشباب هم من حافظوا على سقف المطالب و ضبطوا الخرمة و التظاهرات و الشعارات و ليس بن كيران الذي ظل صامتا يتأهل كأي ذئب سياسي لاقتناص اللحظة قصد حصد ثمار اللحظة لصالحه و لصالح العشيرة معتقدا أن الدولة ضعيفة و قادر على السيطرة عليها و التسلل إلى دواليبها كما فعلوا بمصر.
20 فبراير جزء من تاريخنا و تاريخ المغرب ستظل حكاية جيل ما بعد انحصار التناوب التوافقي و محاولة فرض الهيمنة على الحياة العامة.
يسجل للملك انه كان له دور كبير في التخفيف و امتصاص حالة الاحتقان التي ولدت في الشارع تجاوبه كان سريعا و فعالا، جنب المغرب الخروج عن مساره التاريخي و وضعه في سكة الإصلاح الذي يحتاج اليوم إلى تجديد مشروعه الاجتماعي.